ما وصلنا إليه من نمو اقتصادي ملحوظ ونهضة عمرانية وتنمية في مجالات عدة إسكانية وصحية وإدارية وتعليمية وتقدم على مستوى الخدمات المالية ومع ذلك تفرض علينا تحدياتنا الاقتصادية المستقبلية دعم تعدد مصادر الدخل كأولوية من أولويات سياستنا الوطنية، وبالتالي دعونا من كل هذا التراشق بالاتهامات بين مجلسي الشورى والنيابي حول من هو المعني بتمثيل الشعب، و” خلونا ” في المهم وهو التحرك من اجل اغلب الفئات الاجتماعية الفقيرة التي لا حول لها ولا قوة وهي تعاني من مشكلات حياتية صعبة تعود إلى التضخم والغلاء والفقر وتدني الأجور، ودعونا أيضا من هذه الثرثرة والاستعراضات ولنلتفت من دون تراخ إلى تلك الفئات ونتفرغ إلى مشكلاتنا وتحدياتنا الداخلية التي أصبحت في أمس الحاجة إلى تشريعات حديثة فاعلة.
الكل يعلم إن البحرين ليست من الدول النفطية التي تتمتع بغزارة الإنتاج ورغم تصنيفها من الدول الداعمة لتعدد مصادر الدخل إلا أن وعلى المكشوف لم نسمع عن تحرك برلماني أو شوري واسع يساند هذه السياسة الاقتصادية وخاصة إن النفط كما تقول الدراسات الاقتصادية في طريقه للنضوب.
والكل يعلم أيضا أن البحرين التي التزمت بتأمين مستقبل الأجيال باستقطاع دولار واحد من سعر كل برميل نفط لديها ما يؤهلها لتعدد مصادر الدخل وخاصة موقعها الجغرافي المهم وإمكانياتها وطاقاتها البشرية ومركزها المالي والمصرفي المرموق فضلاً عن قطاعها السياحي، بالإضافة إلى أنها تعتبر من مراكز التسوق والتجارة والتصدير وإعادة التصدير والشحن والتدريب.
إذن فالقضية هي كيف نخطط لمستقبل هذه البلاد في ضوء كل هذه العوامل والمقومات المشجعة؟ ولماذا لا تكون البحرين الأفضل بين دول الجوار؟
تجربة ماليزيا خير تجربة أليست هذه الدولة الزراعية تحولت بفعل سياستها الاقتصادية الناجحة إلى دولة صناعية متطورة مبتكرة ومنافسة وصلت استثماراتها إلى المليارات.
إذن أين الخلل في تجربتنا؟ هذا ما يجب مناقشته على طاولة البحث وهذا ما يجب معرفته في الوقت الحاضر.
على أية حال وعلى مستوى سياستنا الاقتصادية كان لسمو ولي العهد رؤية حكيمة وصائبة حينما قال في مقابلة اجراها معه ” جون دفتريوس ” مقدم برنامج ” اسواق الشرق الاوسط cnn ” ” اذا لم ننوع اقتصادنا ومصادر دخلنا بعيداً عن النفط فإن الابنية الجميلة الفاخرة لن تساعدنا على المشاكل التي تعترضنا ما لم يكن في داخلها أشخاص من أصحاب الخبرة “.
إذن رؤية سمو ولي العهد بخصوص تنوع الاقتصاد وتعدد مصادر الدخل من الأولويات الاقتصادية حتى نخرج من حالة الخوف من المستقبل لان السياسات الاقتصادية المرتجلة لا تفرز إلا عواقب قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة واحتمالات غير متوقعة.
وبالتالي فإذا كنا ننشد تنمية بشرية حقيقية فلابد من قوانين وتشريعات صائبة تخدم هذه التنمية، وإذا لم نضع في اعتبارنا على المستوى النيابي والشورى تحسين أوضاع المواطنين وتعدد مصادر الدخل كأولوية للارتفاع بمستوى هذه الأوضاع فإن المؤشرات المستقبلية ستكون محفوفة بالمخاطر..
ومن هنا كيف نتجنب هذه المخاطر أو على الأقل كيف نحدّ منها هذا ما ينبغي الاتفاق عليه بين المجلسين حالياً.
الأيام 6 سبتمبر 2008