إدماج المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية أصبح موضوعاً مطروقاً من الناحية النظرية بشكل مكثف في الفترة الأخيرة، ولاسيما أن الكثير من برامج الأمم المتحدة تتوجه نحو تمكين المرأة، كما تخصص كثير من الدول إمكانات كثيرة من أجل ذلك، ففي البحرين لدينا المجلس الأعلى للمرأة كهيئة استشارية للسلطة التنفيذية، ولدينا الاتحادات والجمعيات النسائية والنقابية والحقوقية، والتي تسعى جميعها لتمكين المرأة.
ولكن بعيداً عن التنظير، وهو أمر مطلوب، فإن ما يقلق المرأة قضايا مباشرة تتعلق بشئونها الأسرية ولاسيما إذا كانت أمّاً، وهي مشكلات تتداخل بين التعليم والعمل والدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة.
قبل يومين اتصلت بي سيدة تقول إن لديها شهادة بكالوريوس، ولكنها جالسة في المنزل منذ أكثر من عشر سنوات بانتظار أن تحصل على وظيفة تناسبها، أو أن تتصل بها وزارة التربية والتعليم، أو ترى اسمها منشوراً في قائمة الجامعيين العاطلين الذين تولى صندوق العمل مهمة توظيف 500 منهم في القطاع العام، ونحو 1400 في القطاع الخاص.
ولكن المشكلة أن كثيراً من الأعمال في القطاعين العام والخاص قد لا تتوافق مع ظروف المرأة التي تحتاج إلى من يرعى أطفالها، أو يقوم بمهمات منزلية تتطلبها الأسرة، والعمل في أكثر الوظائف يتطلب تضحيات قد لا تستطيع كل امرأة أن تقدمها، ولو قدمتها كل امرأة فإن العوائل تتضرر بالنسبة إلى الأطفال والشئون الأسرية.
نسمع الكثير عن أن الحقوق مضمونة للمرأة في الدساتير والكتب، ولكن ما نحتاجه ليس كتباً وإنما حلول عملية تساعد المرأة لكي تخرج من منزلها للعمل من دون أن تتخلخل الأسرة، وأن تستطيع أن تشارك في السياسة والثقافة وغيرهما من المجالات من دون مشكلات حياتية تبدو بسيطة ولكنها ليست كذلك. فكثير من المؤسسات في العالم، بما فيها برلمانات، توفر حضانات وتوفر تسهيلات تحتاجها المرأة ولا يحتاجها الرجل.
المرأة في البحرين تحصل على تعليم وتحصل على حقوق مكتوبة نظرياً، ولكنها تبقى أسيرة انعدام وجود أية تسهيلات عملية توفرها المؤسسات التابعة للحكومة أو الشركات بحيث تستطيع أن تلعب دورها، تماماً مثل أصحاب الإعاقات الجسدية تتوافر لهم تسهيلات خاصة تمكنهم من لعب دورهم في الحياة.
الوسط 3 سبتمبر 2008