رحل يوم الأربعاء الماضي، ابن منطقتي وعضو المنبر التقدمي جمال عمران، ربما كثيرون حتى من أبناء منطقتنا لا يعرفون جمال، وما عاناه في حياته، التي عاش وطراً منها في الخارج بسبب الظروف السياسية التي كانت تمر بها البلاد، دفعه الحنين الى العودة في التسعينات إلا ان الأمر لم يحن لأن يعود الى وطنه وأهله.
وأخيراً.. عاد جمال في ٠٠٠٢، ظناً منه ان بإمكانه العيش في رغد، حملت لجنة العائدين آماله وتطلعاته، لعلها تنتج شيئاً وتنهي أزمته الاقتصادية التي ربما العديد لا يعرف حجمها.
وما برح جمال يكابد في أمواج دنياه العاتية، باحثاً عن خشبة ملقاة في عرض البحر ليرتاح عليها.
في آخر مرة التقيت به، قال لي »أرغب في السفر الطويل الى خارج البلاد، فلا يوجد من يمد العون لك، فلقد تعبت كثيراً«.
وكأنه يريد ان يقول لي إن راحته آتية قريباً، وما هو إلا شهر واحد حتى ووري جمال الثرى.
رحل جمال وهو عاتب على منطقته وعلى بعض أصدقائه، فمؤسسات المنطقة لم تمد يد العون له عندما لجأ إليها طالباً المساعدة، وعاتباً على أصدقائه ورفاقه لأن بعضهم لم يسأل عنه وهو ملقى في المستشفى يصارع المرض، حتى أفاق من مرضه.
رحل جمال مخلفاً وراءه تركة كبيرة، فقد أخبرني أحد أصدقائه بان لديه ٧ آلاف كتاب، وقد دعاني لأزور مكتبته ودخلت في منزله الذي يقطنه مع والدته، وشاهدت غرفته المليئة بالكتب، وبقصاصات الصحف التي تحتوي على مقالات لرفاقه وأصحابه، ومقالات كتبها بخط يده، ومحاولات له في تأليف مسرحية، أتمنى ان تستكمل.
حقاً عاش جمال غريباً ومات فقيراً.
صحيفة الايام
31 اغسطس 2008