المنشور

حول التيار الديمقراطي‮- ١‬


كـثر الحديث في الآونة الأخيرة عن وحدة التيار الديمقراطي في البحرين، وجاء ذلك، بصورة خاصة، على خلفية الاتفاق الأولي بين قيادتي المنبر التقدمي وجمعية وعد على عقد لقاء قريب بينهما، هو الأول منذ فترة طويلة. والحق أن الدعوة لوحدة التيار الديمقراطي، أو على الأقل التنسيق بين أطرافه، دعوة لم تنشأ اليوم، وإنما هي تمتد إلى عقود إلى الوراء، إذا ما عدنا إلى المراحل السابقة، وشهدت بعض الفترات أشكالأ من التنسيق بين مكونات هذا التيار، اتخذت في الغالب  شكلاً ثنائياً بين جبهة التحرير والجبهة الشعبية، باعتبارهما الفصيلين الرئيسيين في هذا التيار، حيث جمعت المنافي والسجون والمعتقلات بين كوادرهما ومناضليهما، وفي حالات مُعينة اتخذ هذا التنسيق شكلاً ثلاثياً، كان طرفه الثالث منظمة حزب البعث في البحرين، خاصة على الصعيد الطلابي، حيث كانت قيادة الاتحاد الوطني لطلبة البحرين فترة صعوده تضم ممثلين عن الاتجاهات الثلاثة. لكن العلاقات بين مكونات التيار الديمقراطي، خاصة بين جبهة التحرير والجبهة الشعبية، شهدت أيضا فترات من القطيعة والتوتر وسوء الفهم المتبادل، وهي أمور تركت ظلالها السلبية الثقيلة على إمكانيات وآفاق التعاون بين التنظيمين.
أتاحت الظروف الجديدة التي نشأت في البحرين بعد المشروع الإصلاحي مناخات مختلفة في البلاد على صعيد كل شيء، بما في ذلك على صعيد العمل السياسي والحزبي، الذي أصبح وللمرة الأولى علنياً، حيث أصبح المنبر التقدمي ممثلاً لتيار جبهة التحرير، فيما أصبحت جمعية العمل الوطني الديمقراطي ممثلة لتيار الجبهة الشعبية، وجمعية التجمع القومي ممثلةً لتيار البعث، ومع صدور قانون الجمعيات السياسية اتخذ هذا العمل صورة مقننة. لكن علنية العمل الحزبي، في صيغة الجمعيات السياسية القائمة اليوم، جاءت في ظرفٍ مغاير عما كان عليه العمل السياسي في البحرين قبل عقود، فالتحولات الاجتماعية والسياسية في البحرين، دفعت إلى الواجهة بقوى سياسية وحزبية جديدة، هي القوى الإسلامية، الشيعية منها خاصة، إذا ما تحدثنا عن مكونات المعارضة البحرينية.
 وبالنظر إلى طبيعة الحراك السياسي في البحرين الذي عشناه بعد التصويت على ميثاق العمل الوطني، وخاصة بعد صدور دستور ٢٠٠٢، واختلاف التكتيكات حيال أسلوب التعاطي مع الوضع المستجد، فان مسألة التنسيق بين مكونات التيار الديمقراطي توارت لصالح صيغ تحالف وتنسيق أخرى أوسع، رباعية التكوين تارة، كما هو حال التحالف الرباعي، وسداسية تارة أخرى، كما هو حال ميثاق التنسيق السداسي.
 ورغم ان لقاءات عدة جرت خلال تلك الفترة بين قيادتي المنبر التقدمي ووعد، بغية كسر حالة الجمود في العلاقة بين التنظيمين والدفع بها إلى درجة من التنسيق، ألا أن الاختلاف حول أولوية التحالفات في تلك الفترة، حال دون تحقيق نقلة تُذكر، خاصة في ظل الاستقطاب السياسي الذي كان قائماً، في الفصل التشريعي الأول، بين خيار المشاركة في الحياة النيابية الذي تبناه المنبر التقدمي، وبين خيار المقاطعة الذي تبنته جمعيات التحالف الرباعي، التي كانت جمعيتا العمل الديمقراطي والتجمع القومي طرفين فيه، مما حال فعليا دون أي تنسيق ثنائي أو ثلاثي يذكر، بين مُكونات التيار الديمقراطي. غداً نتابع

صحيفة الأيام
24 أغسطس 2008