سيظل الاحتقان الطائفي وملفات اخرى عالقة ترهق هذا الوطن في مسيرته الديمقراطية وستظل تطلعات كل المخلصين الداعين إلى سلامته ووحدته الوطنية مبعث تفاؤل وخاصة ان هذا الاحتقان او هذا المرض الاجتماعي الخطير مسألة ابعد ما تكون عن الاحتقان الطائفي في العراق البلد الواقع بين مطرقة الارهاب وسندان الطائفية ومع ذلك فان مخاوفنا كثيرة لان هذا الوطن الذي نحبه كثيراً مثل ما عليه حقوق تجاه المواطنين علينا نحن واجبات تجاهه وابسط هذه الواجبات الدفاع عن سيادته وعن وحدته الوطنية التي هي ليست شعاراً بقدر ما هي هدف راسخ وتعايش اجتماعي وديني وانساني كنا ولا نزال نفتخر به اينما كنا.
مجتمعنا البحريني التعددي الذي لم يكن يوماً طائفياً يكره الآخر لا يقبل المزايدات السياسية ولا الصفقات الخارجية مدفوعة الثمن سلفاً ولا السلوك المتهور الذي يعبث بامنه واستقراره.
صحيح ان التجاذب الطائفي الذي تعيشه البحرين وفي هذا الوقت بالذات يشكل قلقاً لم يسبق له مثيل.. وصحيح ايضاً ان اللقاءات والحوارات السياسية والحقوقية والدينية تبذل مجهوداً كبيراً للحد من الطائفية المتفشية الا ان المهم بالنسبة لنا هنا هو تفعيل كل القرارات والتوصيات والرغبات المتمخضة عن تلك الحوارات واللقاءات على صعيد الواقع وبكلمات اخرى ان كسر حدة الطائفية لا يأتي بالتمنيات وانما بمجموعة خطوات عملية تتصدرها القبول بالآخر والنية الصادقة والثقة المتبادلة بين كافة اطراف المجتمع والامر الاخر وبقدر ما نطالب بتحسين الاحوال المعيشية والقضاء على كل الاسباب الكامنة وراء أزماتنا الداخلية وترسيخ العدل والمساواة وحقوق المواطنة الاخرى كأولوية ينبغي ان تصان وفق قوانين وتشريعات وممارسات عملية تطالب وفي جميع الاحوال الكف عن نشر ثقافة العنف وبث الكراهية ولم يعد ادنى شك ان تشدد الفكر الديني وتطرفه في كلتا الطائفيتين من الاسباب الرئيسة التي تقف وراء ذلك وما المواقع الالكترونية الطائفية التي تستغل مناخ الحريات إلا نتاج لتلك الثقافة ولا تختلف هذه المواقع عن المنابر الدينية المتطرفة فهي لعبت دوراً خطيراً يهدد السلم الاهلي والتعايش الاجتماعي بالتصدع، شأنها شأن تلك المنابر التي تعمق الطائفية وتعمل على التفرقة بين الشعب الواحد وبالتالي فالمطلوب من هذه المواقع الالتزام بميثاق »مواقع ضد الكراهية« الذي يدعم الارتقاء بالحوار انطلاقاً من الاعلان العالمي لحقوق الانسان. واذا كان هذا الميثاق دعوة حضارية تعزز القبول بالآخر والحفاظ على وحدتنا الوطنية فإن الالتزام بميثاق »صحفيون ضد الطائفية« يشكل هو الآخر انطلاقة لمحاربة الطائفية وخاصة ان هناك من الاقلام الصحفية اصبحت متخصصة في تبرير ثقافة العنف وفي ترويج الكراهية في المجتمع!!
على العموم في تقديرنا المتواضع ان مكافحة الطائفية وكراهية الآخر لا تعالج بوصفات سحرية على غرار وصفات المشعوذين والدجالين الذين احكموا سيطرتهم على بعض الفضائيات العربية وانما العلاج يتم عبر استراتيجية وطنية تناهض الطائفية قولاً وفعلاً وتدعم دولة المؤسسات والقانون وتجرم كل الطائفين ومثيري الكراهية وتلتزم بالحقوق والواجبات وتعمل عل تطوير مناهجنا التربوية والتعليمية ضمن الثقافة الوطنية والديمقراطية التي تنتج وعياً ومعرفة تؤمن بالتعددية واحترام الآخر.
صحيفة الايام
23 اغسطس 2008