لا نعرف متى ستحل مشكلة الأسرّة للحالات الصعبة والمستعصية والخطيرة في مجمع السلمانية الطبي، إذ لا تزال أسرّة جناح الإنعاش ( وحدة العناية القصوى واختصارا الآي سي يو) غير كافية لمثل هذه الحالات، وكثير من هذه الحالات تنتظر أدوارها في قسم الطوارئ بالأيام حتى تتوفر على سرير في جناح (الآي سي بو)، بل إن كثيراً منهم تسوء أحوالهم الصحية بسبب هذا الانتظار، وربما تكون النتيجة مفجعة في بعض الأحيان.
أعتقد بأني لست أول أو آخر من يتناول قضية الأسرّة في هذا الجناح إذا استمر الحال على ما هو عليه، ولكن لا حياة لمن تنادي، وكما يقول المثل الشعبي (بن عمك أصمخ) أو كما لو إنك (تنفخ في قربه مقضوضه)، وأحياناً تتساءل بحسرة: هل حياة الناس رخيصة لهذه الدرجة حتى يتركوا على قائمة الانتظار في قسم الطوارئ ينتظرون حتفهم؟
مثل هذه الحالات ينبغي أن يوجه جل الاهتمام للإسراع في حلها بزيادة الأسرّة والأطباء، فمن يتعرض لها قد لا تفصله عن الموت سوى شعرة، ولذا ينبغي عدم إرجاء الحل أو التباطؤ فيه.
قضية (الآي سي يو) والطوارئ أثيرت في الصحافة قبل ميثاق العمل الوطني وبعده وأثيرت في مختلف وسائل الإعلام وفي الندوات، ومرت على أكثر من وزير ومسؤول في وزارة الصحة، ولا تزال القضية معلقة لم يحسم أمرها بعد، فهل تقتضي هذه القضية كلفة مالية عالية؟ هل شحت موازنة وزارة الصحة على حياة الناس أو عزّت؟ هل توقفت سيولة القطاع الخاص عن دعم الوزارة؟ هل انعدمت الوسيلة تماماً حتى لا يتمكن وزير واحد في الصحة من حل هذه المشكلة؟
مصدر هذه القضية أحد الأصدقاء الذين أكلهم القلق إلى درجة غير عادية عندما أخذ والدته وهي في حالة صحية سيئة إلى الطوارئ لإسعافها من قبل ملائكة الرحمة، واقتضى الأمر أخذها اضطراراً إلى جناح (الآي سي يو)، وبعد محاولة للبحث عن مكان لها فيه تعذر وجود سرير لها، فتركوها في قسم الطوارئ حيث ساءت حالتها يوماً بعد يوم، ومع كل رجاء هذا الصديق لأهل (الفرج والضيق) لإسعاف والدته، لم يتوفروا على سرير لها ولم يتسنَّ له الحصول على (واسطه عوده) حتى يجبروا الفراغات المتاحة في هذا الجناح على أن تتحول في (غمضة عين) غرفة بسرير لوالدته وبالتالي تنتهي مشكلته، فماذا يفعل هذا الصديق لوالدته؟ هل توجد عند وزارة الصحة خدمة خاصة لإسعاف الذين لم يتوفروا على سرير في جناح (الآي سي يو) في بيوتهم بتجهيز غرفة خاصة مثلاً مماثلة لتلك الأسرّة في جناح (الآي سي يو)؟ طبعاً نحلم!!
في لحظة تخيلت أن عدداً كبيراً تعرض لحالات صحية تتطلب وجود أسرة أكثر في (الآي سي يو) ولكن المسؤولين هناك إذا لم يوفروا هذه الأسرة، فماذا يفعل أولئك؟ هل يموتون؟ أليست هذه جريمة؟ هل سيعاقب عليها مرتكبها أم ستضيع في الملفات الكثيرة التي أخضعت للحالات الاضطرارية الاستثنائية مثلما ضاعت غيرها؟
قضية حياة أو موت، ماذا أعددتم من أجل ضمان حياة أطول للناس يا بني آدم؟
الوطن