ينتابني فرح كبير لا يضاهى حين يتعلق الموضوع بأي شيء يتصل بحماية البيئة بشتى أنواعها وأشكالها، فهذا دليل وعي مجتمعي وصحة نفسية وعافية فكرية، وكم نحتاج هذا الدليل ليرشدنا إلى مناطق التغلب على الكارثة البيئية التي أوشكت أن تطمر آخر منابع الثروات والخيرات في وطننا، ولعل المبادرة الطيبة التي دشنتها الأمانة العامة للمجلس الأعلى للمرأة ممثلة في لجنة الشباب بالتعاون مع الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية والمؤسسة العامة للشباب والرياضة بمشاركة إيجابية ولافتة للأنظار من جمعيات الشباب وأهل الاختصاص في المجال البيئي في مملكة البحرين، تلك المبادرة التي جاءت بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للشباب، تؤكد مصداقية التوجه نحو الاهتمام بالبيئة، خصوصاً أن الشعار الذي تبنته بهذه المناسبة، وهو ‘الشباب وتغير المناخ، حان وقت التغيير’، لا يدع مجالاً للتراجع أو التنازل عن عزم تجسد في ‘حان وقت التغيير’.
وقد كانت ورش العمل التي تمحورت حول الاحتباس الحراري ومضار المواد البلاستيكية على البيئة وتغير المناخ وتأثيره على مناخ مملكة البحرين بجانب تنظيم مسابقة في التصوير الفوتوغرافي والسينمائي تستقي موضوعاتها من مشاهد البيئة والطبيعة المحلية والأخطار والملوثات التي تهدد البيئة البحرية والحياة الفطرية في المملكة، كل هذه الورش والمسابقات ستعزز بلا شك الوعي الاجتماعي والشبابي خصوصاً بأهمية البيئة ودورها، وسيكون لها مردودها الإيجابي على قطاعات كبيرة في مجتمعنا، والتي نتمنى أن تدرك ذلك الاهتمام فتستجيب لما سيخرج به الشباب المشاركون من تصورات واقتراحات وتوصيات، خصوصاً أن مصانعنا يعاني أخطار التلوث فيها كثير من العاملين والأهالي الذين تجاور بيوتهم هذه المصانع، مثل مناطق جو وعسكر والمعامير والنويدرات والنبيه صالح والرفاع الشرقي وغيرها من مناطق المملكة. وبجانب هذا التلوث الفظيع في هذه المصانع تعاني الثروة السمكية في بحارنا الأمرين بسبب الأنقاض ومخلفات البواخر والردم والطمر.
أضف إلى تلك المشكلات البيئية التلوث الجوي والتربة الزراعية، كلها مشكلات، وخبراء البيئة الآن يقرون بأن أكبر عدو وأخطر من الإرهاب البشري هو التلوث البيئي الذي إذا ما أهمل ولم يلتفت إليه سيأكل الأخضر واليابس من على هذه الخارطة الكونية، ولذلك أسباب تتجاوز حدود الاجتهادات المنظماتية للبيئة، إذ إن على الجهات الرسمية أن تفعل اهتمامها وتوجهاتها للبيئة، وأن تكون هناك خطوات فعلية تشارك فيها هذه الجهات الرسمية القطاعات الأهلية والشبابية في المملكة، ولنا في ذلك أسوة براعي الفعالية في مملكة البحرين سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة رئيس الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية، الذي يكرس جل جهده ودأبه من أجل حماية هذه الثروة في المملكة، ويدفع الشباب وجمعيات البيئة باتجاه الاهتمام بالبيئة في المملكة، كما إن للكلمة التي ألقاها السيد آغا المنسق المقيم للأمم المتحدة والممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وقعها وأهميتها من حيث تحذيره المتواصل من خطر التغير المناخي في العالم والذي يهدد السلام والأمن ويجعل العالم في المستقبل مكاناً غير صالح للسكن، مستدلاً بتجربة حقيقية ومرة عاشها وسجل من خلالها رؤيته وقراءته لهذا العالم في ظل التغير المناخي المخيف.
إن شبابنا إذ يدفعهم حماسهم للمشاركة في مثل هذه الفعاليات والورش التي تعنى بالبيئة، فإنهم بحاجة إلى من يساعدهم ويقف معهم في ترجمة هذه الفعالية المناسباتية على صعيد الواقع والميدان، وبما أن هذا الحماس والتوقد متوافران لدى شبابنا، فإن الخطوة العملية المقبلة ستكون في ملعب الجهات الداعمة لمشاريع الشباب البيئية، ولن نعدم الوسيلة ما دام وراءها من بادر برعايته لهذه الفعالية
الوطن