هل سأل من رخص لبناء أبراج ترتفع بطول 30 و50 طابقاً نفسه إن كان جهاز الدفاع المدني يملك معدات تصلح لإخماد أي حريق قد يطال مباني بهذا العلو؟! وهل يعلم أولئك أن رافعات ومعدات الإطفاء الموجودة حالياً تستطيع – بالكاد – إطفاء مبنى من 8 طوابق؟!
إن حريق مبنيين تحت الإنشاء بمنطقة جبل علي.. وحريق برج النخلة ومبنى حدائق القبة وغيرها من الحرائق المشابهة في قطر ودبي – بل الحريق المحدود الذي أصاب أبراج اللؤلؤ في البحرين حديثاً – يجعلنا نتساءل مجدداً ما درجة جهوزيتنا للكوارث والملمات؟! وهل نملك خطة لمواجهة الطوارئ؟!
لا نريد هنا أن ننبر الجراح الغائرة ولكنَا لا نستطيع التحدث عن الكوارث من دون أن نستشهد بالفشل الذريع الذي حاق التعامل مع سقوط طائرة الـ «أيرباصA320 » التي تمر ذكراها الثامنة علينا هذا الشهر.
أذكر حينها أن جرّاحاً أسر لي بحقيقة صادمة «حمداً لله أنهم وصلونا ميتين، وإلا لكانوا قد فارقوا الحياة بين أيدينا وتحملنا وزرهم»!
ورغم فظاعة قوله إلا أنه محق.. فالصحة آنذاك تخبطت في التعامل مع جثامين الضحايا التي كُدست في شاحنة معراة لشمس أغسطس/ آب الحارقة «وهو ما دهور حالة الجثث أكثر» وعجزت عن حفظهم في مشرحة السلمانية فعمدت إلى نقلهم لثلاجات شركة بانز للأغذية؛ ناهيكم عن أنها خلطت الجثامين حتى بعد أن تم التعرف على هوياتهم، وهو ما أثار استياء أهاليهم المنكوبين.. فإن كانت الصحة قد عجزت عن التعامل مع 143 جثة دفعة واحدة، فكيف كان لها أن تتعامل مع 143 حالةً حرجة تحتاج لعناية طبية فورية؟!
وماذا عن حادثة غرق بانوش الدانة؟! الكل يعرف أن بعض الضحايا الـ 58 لربما نجوا لو لم تستغرق عملية الإنقاذ ما لا يقل عن 45 دقيقة!
أسأل دوماً ماذا سيجري – لو لا قدر الله – وتعرضت حافلة مدرسية لحادث مروري بليغ واقتضى إنقاذ حياة الصغار مباشرة علاجهم فوراً؟!
وحدة العناية المركزة (الـ «icu») الخاصة بالأطفال لا تسع إلا لخمسة مرضى! أما وحدة العناية الخاصة بالكبار فلا يتجاوز عدد أسرتها 25 سريراً.. فما العمل عندئذ؟!
وماذا عن استعدادات الحريق؟! هل رأيتم مدرسة أو مبنى يقوم المسؤولون فيهما بتجربة إخلاء تأهباً للحرائق.. هل يعرف الموظفون أين توجد خراطيم المياه وإن كانت تلك الخراطيم تعمل أصلاً أم لا؟
فيما يتعلق بالإسعاف نسأل: منذ متى والوزارة تعد بمروحيات للإسعاف؟! أيستطيع المصاب بجلطة أو ارتجاج أن ينتظر «تمختر» سيارة الإسعاف ذهاباً وإياباً في شوارعنا المختنقة بالزحام؟!
إن تواضع الاستعداد.. وسوء التصرف وتدني الجاهزية؛ هو ما يرفع عدد ضحايا الملمات في بلادنا لأكثر مما يجب. فنحن شعوب تؤمن بالسير على البركة؛ لذا فإننا لا نشغل أنفسنا كثيراً بالتعاطي مع المشكلة إلا بعد أن يقع البلاء..!
لولا العناية الإلهية – نقول – لضعنا جميعاً.. فهناك 50 كارثة متأهبةً للوقوع يومياً لا يردعها عنا إلا لطف الله.. الذي يعلم بالحال فيكفينا شر المآل!
صحيفة الوقت
18 اغسطس 2008