لقد أخطأ النظام عندما مد بشتى السبل إلى تقوية وتعظيم مواقع قوة ونفوذ مجاميع التيار الإسلامي السني لموازنة قوة التيار الإسلامي الشيعي. فلقد أنتجت هذه السياسة الخرقاء احتقانا طائفيا خطيرا وصل إلى ذروته في الآونة الأخيرة ما اضطر النظام للتدخل العاجل لمحاولة نزع فتيل الأزمة التي أضرم نيرانها بيديه.
ومرة أخرى يخطئ النظام إذ يحاول استمالة الطرفين الطائفيين المتواجهين وتجسير العلاقة المتنافرة بينهما بهدف الاستقواء بهما ضد الأصوات والدعوات المتوالية من الداخل ومن المنظمات الحقوقية الدولية بالالتزام بدولة القانون وصيانة الحريات ومكافحة الفساد المستشري في مراتب السلطة المختلفة وصيانة مكتسبات الدولة المدنية الحديثة التي حققها الشعب البحريني على مدى العقود الخمسة الأخيرة.
فهذه القوى الطائفية التي يحاول النظام إدماجها في برامج سياساته ومناوراته لا تتمتع، خارج بيئتها المذهبية الطائفية، بعمق وطني جامع، ولا تتوفر على مصداقية سياسية يعتد بها لأنها مخلصة فقط لأجنداتها الخاصة المتمثلة في التسلل إلى مواقع السلطة والعمل بشتى الوسائل والسبل على إنتاج ونشر رموز دولتها الدينية في فاصل ناشز كل واحد منها يغني على ليلاه المذهبية الطائفية.
وفي ظل حالة الاستقواء هذه السائدة بين النظام والقوى الدينية الطائفية، فمن الطبيعي أن تلقى الدعوات لإطلاق حوار وطني عميق لا يستثني أحدا، صدودا من الطرفين!