هل دور المجالس البلدية والنيابية هو إقامة دورات رياضية ودراسية وأسواق خيرية وفعاليات اجتماعية مشابهة وأحيانا أقل أهمية؟
للأسف الشديد هذا ما نلحظه بوضوح لا تعوزه (كشافات) أو عدسات طبية أو مناظير فلكية، إذ أن أكثر ممثلي مجلسينا البلدي والنيابي ينسون المهام المنوطة إليهم والتي هم دونوها ولونوها وبروزوها في برامجهم الانتخابية قبل الوصول إلى قبة المجلسين، فكلهم قبل (التشرف) بكرسي المجلس سيفعلون لأهالي مناطقهم ومواطني البحرين ما يرضي الله ويرضي ضمائرهم ويرضي من منحهم الثقة للقيام بهذه المهمة الوطنية الجسيمة، وكلهم أقسموا اليمين على ذلك، وكلهم أعلن تصديه للفساد ومرتكبيه دون رجعة، وكلهم وعدنا بواحة خضراء لا مثيل لها إلا في مخيلتنا (المجهدة)، كلهم أعلنوا أمام الملأ بأنهم أهل للأمانة والمسؤولية المناطتين إليهما، ولكن ما إن دخلوا معترك (الحياة) تبدلت وعودهم، ولم نسمع إلا ضجيجاً وصراخاً وكيل تهم يتقاذفونها فيما بينهم وكما لو أن المجلسين صار أشبه بـ(مدرسة المشاغبين)، وحتى يسلموا من استنكار ورفض منتخبيهم وأهالي مناطقهم لا بد من (ترضية) تسعفهم من شر المآل، وللترضية لديهم طرق عدة، من هذه الترضيات كما أسلفت إقامة دورة رياضية أو دراسية أو تكريم فريق رياضي وإن لم ينجز شيئاً يذكر طيلة تأسيسه، والاشتغال في مجال (تخليص) جوازات سفر أو سكن أو ما شابه، والتبرع بكم (كارتون) عصير وكم (كيس) مكسرات لزواج أحد أبناء أو بنات المنطقة خاصة ممن قدموا لممثلهم أصواتاً تقدر بثمن، والتوسط لأبناء من ينتمون إلى جمعيتهم للدراسة الجامعية، وقس على تلك (المزايا) البلدية والنيابية لممثلينا الأشاوس الكثير..
يا جماعة هل هذه مهام المجلسين؟ هل نلحظ ممثلوا المجالس البلدية والنيابية في دول أخرى يضطلعون بهذه المهام؟ أم أن مهامهم تتجاوز هذه الأمور التي من الممكن أن يضطلع بها أهلها مباشرة من خلال مؤسسات المجتمع المدني والأندية الرياضية والجمعيات والصناديق الخيرية والجمعيات النسائية والنقابات العمالية، تتجاوزها إلى ما هو أبعد؟
هل حاول ممثلونا مثلاً الجلوس على طاولة واحدة مع بعض العمال والنقابيين للاستماع إليهم وما هي ملفاتهم الملحة في الوقت الراهن؟ هل حاول هؤلاء الممثلين استيعاب محنة العاطلين وطالبي العمل وأصحاب الأجور المتدنية؟ هل اجتمعوا مع وزراء معنيين بهذا الشأن وتدارسوا المشكلة من منطلق أبناء الوطن وليس أبناء الحارة أو (الفريج) أو الجيران؟ هل قدموا دراسات حول التلوث البيئي في المملكة أم اكتفوا بالزيارة الميدانية لمصانع البيئة والتدوير في فرنسا؟
إنها مهام ليست بسهلة ولا تنتظر نهاية إجازة الخمسة أشهر حتى تحل؟
وحتى الإجازة يستثمرها بعض هؤلاء الممثلين للمجلسين لشغل فراغ أبناء المنطقة بما يسليهم داخل الوطن ويخفف ويقلص حجم (التأنيب) لضمائرهم أثناء قضائهم إجازتهم خارج البلد، علماً بأن فراغ الصيف له من يتصدى له من أهل الشأن، في وزارة التربية والتعليم ووزارة التنية الاجتماعية والمؤسسة العامة للشباب والرياضة ومركز سلمان الثقافي وغير هذه المؤسسات الحكومية والخاصة..
وأخيراً وليس آخراً.. هل دور هذه المجالس ينتهي عند انتخاب وترشيح وتزكية ممثليها هل هؤلاء الممثلين يفهمون هذه المجالس على أنها مكان (للجلوس) والاسترخاء من بعد إجهاد ولهاث للوصول إلى أحد مقاعد المجلسين الوثيرة؟
صحيفة الوطن
10 اغسطس 2008