المنشور

حوار الملك‮: ‬من أجل خطاب ديني‮ ‬متعايش متزن

أكثر من حدث شهدته البحرين في‮ ‬الايام القليلة الماضية جميعها ذات اهمية بالغة ومن بينها لقاء جلالة الملك برجال الدين،‮ ‬وكان الهدف من وراء هذا اللقاء هو التأكيد على ثقافة الحوار الديني‮ ‬من اجل ترشيد الخطاب الديني‮ ‬في‮ ‬اطار ثقافة التعددية والمسؤولية بعيداً‮ ‬عن التطرف والتصعب والتكفير واثارة الطائفية التي‮ ‬من المؤسف حقاً‮ ‬نجد من‮ ‬يغذيها ويروج لها على مستويات مختلفة لاغراض عقائدية او سياسية باتت معروفة في‮ ‬حين ان الاصلاح الديني،‮ ‬كما عبَّر عنه جلالة الملك،‮ ‬ينبغي‮ ‬ان‮ ‬يكون بوابة للاصلاح على كافة الصعد‮ ‬يدعم الوحدة الوطنية والتسامح والتعايش بين الطوائف والمذاهب والديانات الاخرى في‮ ‬ظل دولة المؤسسات والقانون وفي‮ ‬ظل حقوق المواطنة والواجبات خاصة في‮ ‬هذا الوقت المحكوم بتجاذبات خارجية على الصعيد الاقليمي‮ ‬تدفع في‮ ‬تعميق الطائفية ودعم الفكر الديني‮ ‬التكفيري‮.‬
على اية حال خطاب جلالة الملك في‮ ‬ترشيد الخطاب الديني‮ ‬خطاب واضح وضوح الشمس،‮ ‬والمطلوب من رجال الدين وسائر اطراف المجتمع ان‮ ‬يترجموا هذا الخطاب الداعي‮ ‬للمحبة والتآخي‮ ‬بين افراد المجتمع والتعايش بين مكوناته المختلفة من إثنية ودينية وغيرها ترجمة صادقة ومسؤولة‮ ‬غير محرضة على العنف والكراهية بين الشعب الواحد كما‮ ‬يفعل بعض خطباء المساجد الذين‮ ‬غالباً‮ ‬ما تجد خطابهم الديني‮ ‬غير متوازن وغير متسامح ملخصه‮ ‬يدعو للتمييز الطائفي‮ ‬والمذهبي،‮ ‬والامر الآخر هناك من‮ ‬يدعو من فوق المنابر الحسينية الى تحريض الشباب على العنف واعمال التخريب والخروج على القانون بشكل‮ ‬يمس استقرار البلاد والمصالح الوطنية ويعرض الممتلكات العامة والخاصة الى اعتداءات مرفوضة‮.‬
ومن هنا تأتي‮ ‬أهمية ما قاله جلالة الملك لدى استقباله محافظ واهالي‮ ‬المنامة خاصة عندما قال‮: ‬من الواجب علينا جميعاً‮ ‬السعي‮ ‬للمحافظة على المكانة التي‮ ‬تستحقها البحرين على الصعيدين الداخلي‮ ‬والخارجي،‮ ‬فأهل المنامة رواد في‮ ‬التعايش والتسامح وكما تعلمون انه وفي‮ ‬مساحة لا تتجاوز الكيلو متر مربع في‮ ‬المنامة نجد المساجد في‮ ‬مقابل الكنائس ودور العبادة لجميع المسلمين ولمختلف الديانات والطوائف،‮ ‬وبذلك ضربت المنامة اروع الامثلة والنماذج في‮ ‬التعايش بين جميع الديانات،‮ ‬فعلينا المحافظة على هذه السمات الخيرة‮.‬
ومن هنا ايضاً‮ ‬تأتي‮ ‬اهمية ما اشار إليه حينما خاطب رجال الدين‮.. ‬لا تخفاكم طبيعة التحديات والمحاذير المحيطة بالبحرين والمنطقة،‮ ‬ولا بد من سد الثغرات امام المؤثرات الخارجية،‮ ‬كلما تقاربتم وقاربتم الصف كمسلمين ومواطنين بحرينيين متعايشين ومتصالحين سعد بكم الوطن والمواطنون وئاماً‮ ‬واستقراراً‮ ‬وامكننا السير قدماً‮ ‬في‮ ‬مسيرة التنمية الشاملة التي‮ ‬لا‮ ‬يعلو عليها هدف من اجل رفع المستوى المعيشي‮ ‬للمواطنين وتلك هي‮ ‬مسؤولية الجميع بلا استثناء‮.‬
اذن فخطاب جلالة الملك لرجال الدين رسالة واضحة وصريحة شديدة التفاؤل،‮ ‬ونعتقد ان هذه الرسالة لا تقتصر على رجال الدين وحدهم وانما ايضاً‮ ‬تشمل كل الجهات الرسمية والاهلية خاصة وان المرتكزات التي‮ ‬انطلقت منها هذه الرسالة هي‮ ‬الحفاظ على الوحدة الوطنية والارتقاء بالخطاب الديني‮ ‬والتعايش والاستقرار ودعم التنمية والوقوف بحزم امام الاجندة الخارجية والتبعية والتحديات الداخلية خدمة للوطن والمواطن وخدمة للبحرين التي‮ ‬يجب ان تظل مشرقة على جميع المستويات ورائدة كما كانت في‮ ‬ذاك الزمن الجميل الذي‮ ‬لا تحكمه فتاوى التطرف الديني‮.‬

صحيفة الايام
9 اغسطس 2008