اذا ما تحدثنا عن مصادرة حقوق المرأة البحرينية من المهم جداً ان نستشهد بموقف بعض الكتل البرلمانية الاسلامية المتشددة التي لاتزال ترفض رفضاً قاطعاً حق المرأة في الترشح للبرلمان في حين ان هذه الكتل لا تعارض شرعية تصويت المرأة في الانتخابات وهذا الموقف في الحقيقة يتضمن تهديداً لحقها السياسي الذي حصلت عليه بعد نضال مرير لم ينتهِ إلا بالانفراج السياسي او بالاحرى إلا باقرار الدستور الذي كفل حقوقها السياسية.
مادام الدستور والقانون كفل للمرأة هذا الحق من دون تجزئة.. ومادامت هذه الكتلة او غيرها من الكتل البرلمانية الاخرى اقسمت على العمل بهذا الدستور دون الاخلال بأية مادة من مواده اذن .. لماذا كل هذا التناقض في الموقف من حقوق المرأة السياسية؟؟ نعم .. لماذا هذا التناقض بدعوى ان هذا الرفض الذي تتستر وراءه هذه الكتلة يرجع اساساً إلى اجتهادات شرعية تستبعد اهلية المرأة بحكم الفتاوى الشرعية التي تعتبر الترشح للبرلمان ولاية كبرى لا يجوز للمرأة توليها.
ولن نكون مخطئين اذا ما قلنا ان المصالح السياسية هي سبب كل هذا التناقض الواقع بين قبولها بالدستور الذي لا يفرق بين حقوق المرأة والرجل وبين موقفها الحقيقي الرافض لحق المرأة في الترشح.
ولا يملك كل حريص على حقوق المرأة إلا ان يتخوف من الرغبات البرلمانية المتشددة، تلك الرغبات والتشريعات التي ربما تسلبها هذا الحق أي حق الترشيح الى تلك السنوات »العجاف« التي كانت المرأة حينذاك تئن تحت وطأة فتاوى التحريم التي منعت المرأة هناك من التصويت ناهيك عن الترشح!!
ولذلك ألا يحق لنا ان نتساءل: لماذا كل هذا الحديث عن الديمقراطية وحقوق الانسان في حين لا تتردد هذه الكتل عن مصادرة ركن من اركان حقوق المرأة السياسية؟ عن اية تنمية نريد لهذه البلاد ان تتحقق من دون مشاركة المرأة في القرار السياسي؟! أليست هذه اللعبة المزدوجة المكشوفة تضيف إلى اضطهادها من قبل السلطة الذكورية عنفاً سياسياً منافياً لكل القيم والحقوق السياسية والاجتماعية؟ فإذا كان هذا العنف السياسي نموذجاً واضحاً لعدم مساواتها بالرجل سياسياً فإن معناتها ومعاناة الاسر البحرينية من غياب قانون احكام الاسرة او الاحوال الشخصية جعل هذه المعاناة تتضاعف اكثر فاكثر ولا شك ان تلكؤ السلطة التشريعية بعدم مساندة قانون تنظيم الاسرة وخاصة بعد ان أحالت الحكومة هذا القانون إلى النواب له تفسير واحد وهو بالرغم من التزام الحكومة بالاتفاقية الدولية »سيداو« للقضاء على كافة اشكال التمييز الواقع على المرأة فإن الكتل البرلمانية والدينية التي جيشت آلاف النساء ضد اصدار قانون الاحوال الشخصية يعد هو الآخر وفي جميع الاحوال عنفاً اجتماعياً!! وعليه فلم يتبقَ امام المنظمات النسائية المستنيرة والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني التي تؤمن بإزالة هذا العنف لضمان حقوقها كاملة إلا العمل على انهاء هذا العنف ولا يتحقق هذا إلا بتشكل معارضة تسعى بالارادة والعمل السلمي للقضاء على العنف السياسي الذي يمنعها من الترشح وكذلك من العنف الاجتماعي المعارض لاحكام قانون الاسرة.
صحيفة الايام
2 اغسطس 2008