أستغرب من بعض المسؤولين الذين يتولون مهاماً حيوية وضرورية في البلد، أستغرب تصريحاتهم للصحافة وللوسائط الإعلامية الأخرى بأن القضايا التي يتصدون لحلها ليست بالسهلة، ولأن النسبة السكانية في مملكة البحرين عالية، فذلك بالضرورة يقتضي منهم وقتاً طويلاً لحلها، لذا هم يلجئون للحل التدريجي كطريقة معقولة ومرضية نسبياً، ومن هذه المهام مثلاً، إعانة الغلاء التي مضى على إقرارها شهور ولم تصرف للكل بعد، والذريعة هي النسبة السكانية، تخيلوا مملكة البحرين التي لا يزيد عدد سكانها عن المليون ولا تزيد نسبة الإعانة المقرة عن نصف المليون، يشتكي فيها المسؤولون من عدد السكان (الهائل) المحتاج لهذه الإعانة، ماذا لو كانت البحرين تبلغ نسبة السكان فيها نفس إحدى عواصم أوربا؟ فقط عواصم وليست البلد بأكملها، ماذا يا ترى سيفعلون؟ ومتى ستصرف هذه الإعانة؟ بالتأكيد سيحتاج المسؤولون لدينا إلى ربع قرن كي يحلوا مشكلة المحتاجين للإعانة أو المقرة لهم هذه الإعانة و(نطري يا حريجة سار لين يجي الماي من لحنينية).
قس على ذلك المتقدمين لطلبات إسكانية، والذين لا يستلم الواحد منهم مفاتيح الشقة قبل المنزل إلا بعد أن يقترب من أرذل العمر، تخيلوا بعضهم يظل خمسة وعشرين عاماً يلهث يومياً إلى الإسكان ليطمئن -فقط- على تاريخ تسليمه مفاتيح الشقة أو الوحدة السكانية، وليس استلامها، لماذا هذا التأخير؟ لماذا هذه (البهدلة)؟ ماذا يطلب المواطن أكثر من حق اعتيادي وهو الذي سيدفع أيضاً ضريبة هذا الحق؟ أتساءل: ماذا لو كان عدد سكان البحرين قد بلغ المليونين نسمة؟ متى سيكتمل المشروع الإسكاني؟ كم سنة يحتاجها المواطن كي يضمن له ولعائلته سكن؟..
حالة أخرى لا تقل مصيبة عن ما قبلها، وهي تعديل وتعبيد الشوارع وشق الطرق، لماذا هذا التأخير في إنجازها؟ سنوات وأحياناً تعقبها سنوات إذا حدث -لا سمح الله- اختلاف بين الجهة الحكومية المعنية والشركة التي رست عليها الصفقة، الشوارع (ملخبطة) والمواطن الذي أصيب بداء (أم الديفان) بسبب تغيير الطرق يومياً معرض لمخالفات المرور وبشكل يومي، وهو الذي لم يقصد على الإطلاق المخالفة إلا لسبب تداركه (أم الديفان) قبل أن يدركه المرور، ويحصي المرور الأموال العائدة منه قبل أن يدفعها، لماذا هذا التأخير؟ أين المشكلة؟ لماذا لا نلحظ مثل هذه الحالات في الدول الهائلة السكان؟
قس على ذلك، طلبات طاقة كهربائية إضافية للمنازل أو المكاتب، لماذا تتأخر إلى درجة مزعجة جداً؟ وهل يعقل أن يظل صاحب البيت متفرجاً على بيته الذي بناه حتى تأتيه الكهرباء من إدارتها أو وزارتها بعد أربعة أو خمسة أشهر؟ وتظل للأسف الشديد مشكلة زيادة طلبات الطاقة الإضافية للكهرباء هي البارزة على السطح وعلى ألسن المسؤولين: ‘اسمح لنا.. الطلبات كثيرة.. انتظر دورك’ يا جماعه إحنه مثل ما يقول المثل ‘كم أقرع’ وبعد ننتظر دورنا، أعتقد أن البحث في المشكلة بات مهماً وضرورياً حتى لا نجد أنفسنا يوماً (طبعانين) في مشكلة ما لها أول ولا آخر!!
نأتي بمشكلة أخرى قريبة من (الإعانة وأخواتها)، وهي مشكلة التأخير في التوظيف، فحتى يأتي دورك تحتاج لوقت طويل وأحياناً ينتابك اليأس من شدة الانتظار وكل مسؤول يطمئنك بكلمة لا شريك لها ‘ابشر.. أوراقك عندي، إن شاء الله ياي دورك جريب’ وأنت لا تملك إلا أن تنتظر البشارة حتى يتغير وزراء وتطير الطيور بأرزاقها لغيرك، وبعدها ما أسهل التبرير الذي لا يحمل في طياته أي عذر، وتظل (يابن آدم إنت المحتاج) حتى تنتابك الحسرة و(القراده)، فعلاً أمر غريب، لماذا نحن بالذات (ما نقدر ناخذها بالساهل)؟ ولماذا (تتكود) طلبات الوظيفة في بلد صغير مثل البحرين؟!
ولكن يا سيدي المواطن يا ابن أمي وأكثر من أخي، انتظر سيأتيك الرد عاجلاً في الصباح الباكر ‘تم صرف الإعانة للدفعة الخامسة’ وما أن تذهب لتبحث عن اسمك أو رقمك الشخصي حتى تجد نفسك في (دفعة) لم تعلن بعد، أية دفعة؟ الله أعلم!!.
الوطن 28 يوليو 2008