كان حديث جلالة الملك مع رؤساء تحرير الصحف المحلية حديثاً واضحاً ولا سيما عندما اكد على ان الاولويات الوطنية هي أولويات ثابتة تكمن في دعم المسيرة الديمقراطية ودعم الوحدة الوطنية والشراكة المجتمعية بين اطراف المجتمع كل ذلك من اجل الارتقاء بالمشروع الاصلاحي الذي لم يعد ممكناً التراجع عنه مهما كانت العقبات التي تريد الانتقاص من هذا المشروع الحضاري الذي لابد ومن دون تردد استكمال مقوماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ظل حراك سياسي مسؤول يضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار بمنأى عن اية تبعية او اجندة خارجية وهنا ينبغي ان نشير إلى ما قاله جلالته: »اننا نرفض ان تكون هناك اجندة خارجية غريبة على مجتمعنا توجه مؤسساتنا وتغيّب عقولنا وتعمل بالنيابة عنا ومن يحاول ان يعمل باساليب الدس والغواية والتشكيك والخروج على سرب المواطنة الصالحة فانه مرفوض..«
وعلى هذا الصعيد تساؤلات كثيرة يفرضها علينا المشهد السياسي البحريني واول هذه التساؤلات: هي لمصلحة من الارتباط باجندة خارجية؟؟ ولماذا كل هذه الفوضى السياسية التي تروج باصرار للفتنة الطائفية عبر دعوات متعصبة ومتطرفة مرفوضة سواء كانت هذه الدعوات صادرة من نواب حرصوا كل الحرص على اشعال الفتن الطائفية من فوق منابر المساجد والمنتديات الخاصة او تلك الدعوات المرفوضة ايضاً التي لم تتردد يوماً في التصعيد والشحن الطائفي والتخريب وزج الاطفال في اعمال العنف وحمل الزجاجات الحارقة دون ادنى اهتمام لبراءة هؤلاء الصغار الذين مكانهم الطبيعي هو مقاعد الدراسة والتحصيل العلمي؟!
ومع كل نواقصنا وثغراتنا وسلبياتنا فإن علاج مشاكلنا وتحدياتنا الداخلية لن يتحقق الا من خلال القنوات الدستورية وما عدم الالتزام – كما قال جلالته – بمظاهر الاحتجاج والتعبير السلمي الراقي الذي كفله الدستور والقانون إلا من شأنه ان يمزق وحدتنا الوطنية ويفشل تجربتنا في الاصلاح والديمقراطية.
ما يجري اليوم في البحرين من إصلاحات يعد مفخرة للبحرين وان تحقيق قدر اكبر من هذه الاصلاحات على كافة الصعد مرتبط بوحدتنا الوطنية والولاء للوطن وفي مقابل ذلك مرهون بتلك الشراكة المجتمعية التي كلما تطورت عبر ترسيخ الحوار الوطني كلما ازداد المشروع الاصلاحي عمقاً وتجذراً ومرهون ايضاً بجهود الحكومة التي اثبتت بنهجها الاقتصادي المنفتح على تحقيق العوائد المالية من وراء الاستثمارات انها اكثر تطوراً من مجلسنا التشريعي الذي يسعى لتقليص هذه الاستثمارات من خلال قوانين وتشريعات اكثر تزمتاً وجموداً خاصة في هذه المرحلة التي تفرض على الجميع ايجاد آليات جديدة في التعاطي مع اكثر الملفات سخونة ونعني من ذلك آليات وتشريعات حديثة لمعالجة كل القضايا التي يعاني منها المواطن وكذلك لمعالجة كل المعوقات التي تعيق العملية الاصلاحية، والامر لا يختلف ايضاً بالنسبة للقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي نأمل ان لا تراهن على اعمال العنف في معالجة قضايانا الداخلية كما تفعل تلك الجماعات المتطرفة التي لا تأبه بدولة المؤسسات والقانون ولا بالدستور والميثاق الوطني الذي حاز على ثقة الجميع.
واذا كان لصحافتنا المحلية دور تجاه كل ذلك فإن هذا الدور وباختصار أوجزه جلالة الملك حينما قال: »ان صاحبة الجلالة كفيلة بتصحيح الاخطاء واننا لا نرتضي ان يكون من بين الصحفيين من يثير الفتنة لاننا فتحنا المجال للرأي البناء السليم ورفضنا اصدار أي قانون يسجن الصحفي بسبب رأيه ولذلك نعتقد ان الصحافة هي اليد اليمنى لنا والتي توجه الناس لما فيه خير الوطن والمواطن« ورغم كل مظاهر العداء لحرية الكلمة وحرية التعبير عموماً من قبل البعض الذي يسعى الى تقييد مصالح وحقوق الصحفيين فإن حديث جلالة الملك عن السلطة الرابعة يعد نصراً لها وانتصاراً للصحفي وللبحرين.
صحيفة الايام
26 يوليو 2008