بين وزارة العدل وجمعية العمل الإسلامي سجال عنوانه استخدام دور العبادة لأغراضٍ سياسية. الوزارة احتجت لأن الجمعية المذكورة عقدت جمعيتها العمومية الأخيرة في صالة ملحقة بمأتم سار، فأوقفت عنها الدعم المالي الشهري ما لم تبادر إلى تصحيح الوضع بإعادة الانتخابات في مكانٍ آخر. والسجال أخذ أو كأنه يأخذ طريقه للقضاء، الجمعية رفعت دعوى ضد الوزارة لأنها أوقفت عنها الدعم المالي دون وجه حق كما ترى الجمعية، والوزارة رفعت أو سترفع دعوى ضد الجمعية لأنها خالفت قانون الجمعيات السياسية بإجراء انتخابات قيادتها في مكانٍ يُصنف على انه من دور العبادة. سبق أن أبدينا رأينا في هذا السجال، وقلنا إننا، ومن حيث المبدأ ضد استخدام دور العبادة على إطلاقها لأغراض العمل السياسي والحزبي، وقلنا أن الحوار هو السبيل الأجدى، وأشدنا بحكمة جمعية الوفاق حين تحاشت معركة لا مبرر لها، فعدلت عن عقد مؤتمرها في مأتم، وأقامته في خيمة بساحة عامة، ونصيحتنا لأخوتنا في العمل الإسلامي ألا يجعلوا من هذه المسألة قضية كبرى، لأن الدور المطلوب منهم يتخطى الاستغراق في هذا السجال. على صلة بهذا الموضوع نريد أن نسأل الأخوة المسؤولين في وزارة العدل عن قولهم في خطيب جمعة يعتلي المنبر ليخطب في الناس قبل أن يؤمهم للصلاة، فينهيهم عن تنظيم اعتصام مشروع ومصرح به، يحتجون فيه على إقامة مصنع للاسمنت في منطقة سكنهم، لأن في ذلك ضرر لهم ولأطفالهم. وما قولهم أيضاً في أن هذا الخطيب، الذي قيل بأنه من جنسية عربية، تمادى في الأمر فقال أن في تنظيم الاعتصام عصيان لأُولي الأمر، لكأن أولي الأمر يريدون الضرر لأهل منطقة الحد حيث خطب الإمام في أحد مساجدها، وحيث يُشيد المصنع المذكور. تحدثت الصحافة عن ما جرى، لكننا لم نسمع قولاً من المسؤولين في وزارة العدل الذين وضعوا على عاتقهم، مُحقين، مهمة الوقوف ضد الاستخدام السياسي لدور العبادة. ولكن السياسة واحدة، أكانت من موقع الموالاة أو المعارضة، فما لا يجوز لجمعية معارضة يجب ألا يجوز لجهة أو لخطيب أو إمام أراد أن يجعل من ننفسه منافحاً عن الحكومة، في شأن هو في جوهره شأن سياسي، حين نهى الناس عن استخدام حقٍ مشروع كفله لهم القانون والمشروع الإصلاحي لجلالة الملك في أن يعتصموا ويحتجوا ويتظاهروا سلمياً دفاعاً عن حقوقهم. سنقول عن وزارة العدل أنها تُكيل بمكيالين، حين ترفع الصوت عالياً ضد جمعية سياسية عقدت مؤتمراً في مأتم، وتصمت صمت القبور عن خطيب، لا عن خطباء، يوظفون المنابر سياسياً، لا لتزيين أعمال الحكومة فحسب، وإنما للتعريض بمن له رأي مخالف في أداء الحكومة. مطلبنا بسيط: الاحتكام إلى نصوص القانون في أن لا تجير أماكن العبادة تجييراً سياسياً لا لصالح الحكومة أو ضدها أو ضد سواها من قوى المجتمع. تعالوا نتفق على كلمة سواء.
صحيفة الايام
15 يوليو 2008