تصريحات المسؤولين في قطاع الفنادق تشير بوضوح إلى أن هذا القطاع في مقدمة القطاعات الخاصة التي بامكانها توفير فرص عمل للشباب، وان هناك ألان حوالي “٨٥٣٦” وظيفة شاغرة.
وفي مقابل ذلك نجد صندوق العمل يؤكد على أن أكثر من أربعة ملايين دينار تم رصدها لبرنامج التدريب في مجال الضيافة، بمعنى إن هناك ميزانية ا́قرت من اجل تدريب “1870” بحرينيا في قطاع السياحة، وان هذا البرنامج يشمل درجات البكالوريوس في الضيافة وشهادات في إدارة الموارد البشرية في المناصب الأولية والمتوسطة.
هذا ما قرأناه من خلال صحافتنا المحلية التي تجري بين وقت وآخر لقاءات وتحقيقات مع المسؤولين في هذا القطاع الذي يبدو مزدهرا، وما يدل على هذا الازدهار تزايد عدد الفنادق في البلاد، ولكن الأمر المحير هنا هو رغم كل هذه الوظائف الشاغرة ورغم اهتمام صندوق العمل بتدريب وتأهيل الشباب في قطاع الفنادق .. لماذا لا يشغل شبابنا تلك الوظائف؟
شبابنا الذين اثبتوا جدارتهم وكفاءتهم في أكثر من موقع عمل، وأكثر من نشاط اقتصادي وتجاري وسياحي لا نزعم إنهم لا يميلون إلى الوظائف الفندقية، فهناك عدد لا بأس به يعملون في هذا القطاع وان كانت نسبتهم في تراجع، أي تقدر نسبتهم عام 2005 بـ 26٪ أما اليوم 21٪، وبالتالي .. لماذا انخفضت هذه النسبة؟
هذه قضية يجب أن تكون محط اهتمام المسؤولين في الجهات المختصة سواء كانت وزارة العمل أم السياحة، والقضية الأخرى التي يفترض تدارسها – كما أسلفنا – هي وظائف شاغرة لا يقبل عليها الشباب البحريني العاطل .. لماذا؟ هذا هو السؤال المهم على صعيد البطالة.
إذن أمامنا مشكلة مازالت قائمة، هل ترجع أسباب هذه المشكلة إلى الشباب نفسه؟ وإذا كان الجواب بالنفي ما هي الأسباب الفعلية التي تقف وراء ذلك؟ وإذا كانت هناك وظائف شاغرة في قطاع الفنادق تصل إلى “6358” وظيفة لماذا كل هذا العزوف؟؟
لا نريد أن نختزل أسباب هذه المشكلة في سبب واحد، فهذا إن حدث فهو خارج المنطق والعقل، ولكن نعتقد إن تدني الأجور احد الأسباب الهامة، ومن هنا كان رأي الدكتور احمد الشيخ احد مسؤولي صندوق العمل في احد اللقاءات الصحفية المحلية صريحا خاصة عندما قال: أهم أسباب العزوف عن هذا القطاع هو التدني النسبي للرواتب، وهذا يرجع إلى سبب رئيسي هو عدم وجود معايير مهنية محددة، فمثلا من الممكن أن يعمل أجنبي كجرسون في احد مرافق هذا القطاع براتب متدنٍ بعد أن يدرب فترة معينة من دون أن يحمل شهادة في حين أن البحريني يحمل دبلوما وشهادات وبالتالي لا يقبل بنفس الأجر، ولو كانت هناك معايير واضحة للتوظيف والتدريب لارتفعت الإنتاجية والمستوى والأداء وهذا كفيل بتحسين الإقبال على هذا القطاع.
إذن من البديهي وفي ظل هذه المعايير التي ذكرها “الشيخ”ان تشهد البحرين في هذا النشاط السياحي انخفاضا وهو أمر لا بد أن يؤسف له بشدة.
وإذا كانت المهن القيادية والإشرافية في قطاع الفنادق أجورها مجزية وفقا للكفاءة والتأهيل والتدريب والخبرة ودرجة المسؤولية فان تحسين الأجور وظروف العمل في المهن الأخرى من أهم العوامل التي تؤدي إلى استقطاب الشباب العاطل في هذا القطاع. ويعزو بعض الشباب العاطل ظاهرة العزوف هذه إلى العادات والتقاليد ونظرة المجتمع ومع احترامنا وتقديرنا لعاداتنا وتقاليدنا إلا إننا لسنا نغالي إذا قلنا إن بعض هؤلاء الشباب العازف عن العمل في الفنادق خاصة في مجال الضيافة لا يزال رهن تبريرات وحجج متزمتة مغالية أكل عليها الدهر وشرب!!
وخلاصة الأمر إن شبابنا العاطل عليه أن يكسر حاجز التردد، وان يقدم على مثل هذه الوظائف طالما هو جاد، كما لا بد من تعديل الأجور بما يتناسب وطبيعة العمل وظروفه والحياة المعيشية الراهنة.
الأيام 28 يونيو 2008