نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن هل تمكنا من تجاوز هذه المعضلة وتأثيراتها السلبية على الدولة والمجتمع بالنضال من أجل ترسيخ قيم المواطنة والتمثل بمبادئ المشروع الإصلاحي للعاهل سعياً وراء إقامة نظام ديمقراطي بديل للوضع الطائفي القائم والطافح والرامي إلى تقويض كل ما من شأنه الارتقاء بوعي الإنسان وضمان مستقبله؟
نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن هل أدركنا واستوعبنا أن تعدد الأديان والمذاهب والطوائف لا يعني وجوده بالضرورة صراعاً طبقياً بين هذه الأديان والمذاهب والطوائف وتصفية قهرية لسيادة وطغيان واحد منها وتجاذبات سياسية لقوى داخلية وخارجية ذات مصالح خاصة بها؟ لماذا لا يكون هذا التعدد أنموذجاً للدولة الحديثة التي تنتهج التعايش والتمازج بين كل الاتجاهات نبراساً للإعلاء من قيم الديمقراطية المستنيرة؟
نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن هل تنبهنا إلى أن في استمراريتها والتمسك بها، استمرار لمصالح من يغذي جذوتها ويهيجها وتجديد لجلده ولمآربه على حساب الوحدة الوطنية والتئام لحمة المجتمع؟
نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن هل أعددنا الورش بعيدة المدى والتي نستعرض من خلالها مخاطر الطائفية بأوجهها المختلفة وكيفية مواجهتها والتغلب عليها ودعونا كل الأطياف والطوائف للحوار حول إمكانات القضاء عليها؟
نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن هل تمكنا من التخلي عن الشعارات التي تفصح عن طائفية غير عادية ولها مصادرها ومغذيها في الداخل والخارج؟
نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن هل تعلمنا من دروس الفتن الطائفية التي مزقت مجتمعات وورطت شعوباً وقوضت أركان دول وأعاقت نمو وعي كان له أن ينهض ويبث رؤاه المستنيرة في جسد الوطن؟
نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن هل تأملنا الدستور ووقفنا عند بنوده الداعية إلى اللحمة الوطنية بعيداً عن الامتثال لأوامر دعاة وأهل الطائفية من خارج الدستور والقانون؟
نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن هل كففنا أصواتنا بعض الوقت عن التشهير بالوطن عبر الفضائيات الخارجية المدسوسة والطائفية بامتياز ولجأنا إلى حسن النوايا وانطلقنا يداً بيد من منبر إعلامي مشترك يدين الطائفية ويمقتها؟
نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن هل أدركنا أن عدونا الأول يكمن فينا، في دواخلنا قبل التعلل والتذرع بإسرائيل وأمريكا؟ هل نملك القدرة وبشفافية على مصارحة الذات وعلاجها في آن؟
نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن هل سعت مؤسسات المجتمع المدني بما فيها الجمعيات الدينية إلى المطالبة وبإلحاح إلى تشكيل هيئة وطنية لبحث كيفية تجاوز الطائفية؟
نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن هل أدركنا أن تفشي الأيديولوجيا الطائفية والانطلاق منها في النظر إلى تكوين الدولة ومؤسساتها يقف ضد أي زعم بالانتماء الوطني والإنساني ويسهم في نشوء حالة من التناقض يستحيل معها تثبيت التوازنات الطائفية كما ينجم عنها تعميم ثقافة الطائفة بديلاً عن ثقافة الوطن المبنية على وحدة المواطنة؟
نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن ألا نخشى على الوطن أن يغيب عنه مفهوم الدولة بسبب الاستفحال الطائفي والمذهبي وتكريس الزعامات والمرجعيات والمقلدين؟
نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن هل فكرنا في وضع برنامج تربوي وطني فعلي يمنع غرس الطائفية في نفوس الأجيال الصاعدة واستثمارها بشكل غير ذي جدوى؟
نعم ‘لا للطائفية’..
ولكن هل فكرنا في مواجهة الطائفية بأسلوب آخر غير طائفي؟!
صحيفة الوطن
27 يونيو 2008