المنشور

إصلاح وتنظيم سوق العمل

الجميع‮ ‬يعلم ان اصلاح وتنظيم سوق العمل مهمة صعبة لأن مشاكل هذه السوق كثيرة مزمنة وبالتالي‮ ‬فالتحدي‮ ‬الذي‮ ‬قبلت به البحرين بين دول المنطقة هو ان اصلاح هذه السوق‮ ‬يقابلها بالدرجة الاولى اصلاحات اخرى اقتصادية وعمالية واصلاح التعليم‮.‬
واعتقد اذا ما اردنا الحديث عن هذا الاصلاح لا بد من التأكيد على ان هذا المشروع لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يعطي‮ ‬نتائج مشرقة أو بعبارة أخرى لا‮ ‬يمكن أن‮‬يتحقق بإصدار القوانين فقط وانما أيضاً‮ ‬بإسهامات القطاع الخاص الذي‮ ‬هو الآخر عليه التزامات نحو أهداف هذا المشروع الوطني‮ ‬ونحو آفاقه التي‮ ‬ينبغي‮ ‬ان تسخر له الامكانيات‮. ‬ما‮ ‬يجرى الآن من إصلاحات لسوق العمل اعطت نتائج متواضعة طالما نحن في‮ ‬البداية،‮ ‬وهذا‮ ‬يعني‮ ‬ان معالجة التحديات القادمة تتوقف بشكل أساسي‮ ‬على إزالة العقبات الذاتية والموضوعية التي‮ ‬لاتزال قائمة،‮ ‬فهذه قضية تتطلب الكثير من المراجعة بغية عدم الوقوع في‮ ‬الارتجال والعشوائية والخطأ،‮ ‬ولنا تجربة ماضية ماثلة في‮ ‬الأذهان،‮ ‬مشروع خطة العشرة آلاف والمشروع الوطني ‬للتدريب والتوظيف الذي‮ ‬كانت خسارته تقدر بـ‮ “٥٢” ‬مليون دينار‮!!‬
نحن لا نشكك في‮ ‬اهداف اصلاح وتنظيم سوق العمل الوطنية كما تفعل بعض القطاعات الانتاجية الخاصة التي‮ ‬تقف ضد مستقبل هذا المشروع الذي‮ ‬اذا ما نجح فإن البحرين سوف تحتل مكانة رائدة ومتقدمة على الصعيدين الاقليمي‮ ‬والعربي‮.‬
ومع ذلك ستظل ملاحظات المؤسسات الانتاجية الصغيرة والمتوسطة مشروعة،‮ ‬وخاصة فيما‮ ‬يتعلق بالرسوم الجديدة المحتسبة على العمالة الوافدة،‮ ‬وسيظل ايضاً‮ ‬قلق المواطن مشروعاً‮ ‬خوفاً‮ ‬من زيادة الاسعار على السلع الاساسية والاستهلاكية ومواد البناء التي‮ ‬سوف‮ ‬يفرضها القطاع الخاص تعويضاً‮ ‬عن التزاماته المالية التي‮ ‬يتوجب دفعها كرسوم مستحقة للمشروع‮.‬
وعند الحديث عن إصلاح وتنظيم سوق العمل ندرك أن ثمة فرقاً‮ ‬بين هيئة تنظيم سوق العمل وبين صندوق العمل ونظام التأمين ضد التعطل،‮ ‬وكل هذه المشاريع الثلاثة تصب في‮ ‬خدمة اصلاح وتنظيم هذه السوق‮.‬
ولأهمية هذه المشاريع نقول صراحة هناك إيجابيات في‮ ‬المدى البعيد او على صعيد المستقبل،‮ ‬ولكن المردود الآني‮ ‬الذي‮ ‬سيضاعف من رصيد البحرين هو نظام التأمين ضد التعطل الذي‮ ‬بدأ مرحلته الثانية،‮ ‬وفي‮ ‬هذه المناسبة لا بد من الاشارة الى تصريح وكيل وزارة العمل المساعد لشؤون العمل جميل حميدان‮ “‬مع دخول شهر‮ ‬يونيو ‮٨٠٠٢ ‬ستبدأ الوزارة بالتعاون مع الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي‮ ‬في‮ ‬صرف التعطل للعاطلين عن العمل الذين سددوا اشتراكات لمدة‮ ٢١ ‬شهراً‮ ‬متصلة طبقاً‮ ‬للمادة‮ ٥١ ‬من قانون التأمين ضد التعطل،‮ ‬ويبلغ‮ ‬مقدار التعويض ‮٠٦‬٪‮ ‬من أجره الشهري‮ ‬خلال‮ ٢١ ‬شهراً‮ ‬السابقة على تعطله وبحد اقصى‮ ٠٠٥ ‬دينار وبحد ادنى‮ ٠٥١ ‬ديناراً‮ ‬ولمدة اقصاها ستة اشهر شريطة الالتزام بالمعايير‮”. ‬
من دون ريب ان نظام التأمين ضد التعطل رغم ضرورته ورغم أهميته القصوى فإن قضية البطالة والفصل التعسفي‮ ‬قضية علاجها‮ ‬يعود الى قانون العمل الجديد وإلى صندوق العمل تحديداً‮ ‬لأن رؤية هذا الصندوق تسعى الى اعداد مسار وظيفي‮ ‬متميز لمستوى معيشي‮ ‬مزدهر للمواطن،‮ هذا ما قاله مدير تطوير الموارد البشرية بالصندوق في‮ ‬احدى ندواته‮.‬
مرة اخرى نعود ونقول‮: ‬ان اصلاح وتنظيم سوق العمل ليس بالمهمة السهلة،‮ ‬وان هذه المهمة الصعبة تحتم وتتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص،‮ ‬والأهم من ذلك تتطلب قوانين ملزمة للجميع لأن اهداف وغايات المشروع الوطنية هي‮ ‬في‮ ‬مصلحة المواطن أولاً‮ ‬واخيراً‮.‬

صحيفة الايام
21 يونيو 2008