مهما اختلفنا حول سقف الحريات المتاح في البحرين الا انه وانصافا للحق ان البحرين تتمتع بمكانة مرموقة على صعيد حرية الرأي والتعبير اي أنها بدأت بالفعل تقطف ثمار الاصلاحات السياسية وهذا في حد ذاته يعتبر واحدا من المنجزات الهامة ما يؤكد ذلك الغاء عقوبة حبس الصحافي الخطوة التي اصبحت محل تقدير واعجاب عربي ودولي في حين ان عقوبة حبس الصحافي لا تزال تلاحق العمل الصحافي في العديد من الدول العربية التي سبقتنا بعقود من الزمان في مجال حرية الكلمة، ولنا مثال على ذلك مصر وسوريا، ومن المنجزات ايضا سجل البحرين العالمي على مستوى حقوق الانسان، ورغم ذلك ان الحملة العدائية التي يقودها »اخوان المسلمين« تجاه هذه الحرية ماضية وفق استراتيجية حزبية في انتهاكاتها لحق ابداء الرأي والتعبير، ولا حاجة للقول بان »الشايجي والحمد وبتول السيد والدكتور البغدادي« في مقدمة تلك القائمة المستهدفة في هذه الحملة التي تحرص على ارهاب الكلمة وتكميم الافواه مما يعرقل وبشكل خطير حرية الرأي والتعبير والنشر التي التزمت بها المسيرة الاصلاحية التزاما دستوريا وقانونيا وادبيا في حين انه لا يمكن ان تترسخ جذور الحريات الا بمزيد من الحريات المسؤولة، وكذلك بمزيد من الحقوق وما يقابلها من واجبات تعلو فوق كل مصالح عشائرية وقبلية وطائفية وسياسية وعقائدية تحارب حرية الفكر والتفكير والابداع.
واذا قلنا لا عجب ان ارتبطت هذه الحملة باجندة وبممارسات سياسية كان الهدف منها فرض نظام الوصاية على المجتمع والدعاية لنواب اسلاميين فشلوا في الاداء البرلماني فان العجب ان تحاكم هذه الاصوات المستنيرة وتنتقص الحريات في جو من “التطرف الاصولي”، ولم نسمع من انصار الحرية والديمقراطية والحقوق عن اية فعالية احتجاج ثقافية كانت ام سياسية او حقوقية خاصة وان حرية الكلمة تتعرض الى هجمات شرسة من قبل تيار سياسي اسلاموي اخذ على عاتقه الدفاع عن داعية ابعد ليس من البحرين فحسب بل من دول عربية واوروبية عديدة بحكم دعم وتأييد هذا الداعية للارهاب والعنف والتعصب ولاثارة الكراهية. ويمكننا القول بامانة ان الموقف المبدئي الثابت للاتحاد الدولي للصحفيين كان مشرفا، حينما وقف مع حرية الصحافة في بلادنا والاهم من ذلك اعرب عن استعداده لانتداب محامين للدفاع عن “الشايجي والحمد” في القضية المرفوعة ضدهما من قبل وجدي غنيم احد قيادات “الاخوان المسلمين” المتعلقة بتهمة القذف!!
والامر لا يختلف ايضا بالنسبة للشبكة العربية لحقوق الانسان، فهي الاخرى ادانت في بيان لها مصادرة حرية الصحافة من قبل توجهات اسلاموية تستخدم الدين في تكبيل الصحافة والتربح باسم الدفاع عن الاسلام.
حقيقة كنا نأمل من انصار الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ان يخرجوا عن صمتهم لان الدفاع عن حرية العمل الصحافي يعتبر دفاعا عن الحريات عموما، ولكن يبدو ما اشار اليه الزميل “سعيد الحمد” من تعليق وتساؤلات اهم تعبير عن هذا الصمت ولا سيما عندما قال: في هذا الوقت تحديدا نفتقد ويغيب عنا صوت الاخوة في الجمعيات الحقوقية البحرينية المختلفة فلا نسمع لهم كلمة ولا حرفا أو تعليقا على ما يتعرض له زملاؤهم من حملة القلم المدافعين والذائدين عن حرية الصحافة وحرية التعبير التي تعتبر من اولى اولويات الجمعيات الحقوقية والدفاع عنها مبدأ رئيسي من مبادئ هذه الجمعيات التي ندبت نفسها في كثير من الاحداث للدفاع عن الحريات، فلماذا نفتقدها في هذه القضية؟ ولماذا غاب عنا صوتها المفترض فيه التضامن بقوة مع حرية الكلمة والدفاع عما تتعرض له هذه الحريات من محاولات وأد وقمع ومصادرة؟
صحيفة الايام
7 يونيو 2008