المنشور

محنة الحبس الاحتياطي

كتبت الزميلة عصمت الموسوي‮ ‬في‮ ‬زاويتها منذ‮ ‬يومين حول قضية الموقوفين المتهمين في‮ ‬قضية‮ “‬ألبا‮”،‮ ‬مشيرة إلى الجانب الإنساني في الأمر، فلقد مرت تسعة شهور منذ أن اُلقي‮ ‬القبض عليهما،‮ ‬دون أن‮ ‬يقدما إلى المحاكمة،‮ ‬وحسب ذوي‮ ‬المتهمين فان مسؤولين في ‬النيابة العامة ابلغوهم بأن هناك عشرات الملفات ذات الصلة بالموضوع ما زالت قيد الدراسة‮.‬ وهذا أمر‮ ‬يطرح عدة أسئلة‮‬،‮ ‬ذلك أن قضية الفساد لا‮ ‬يمكن أن تُجزأ،‮ ‬ولا‮ ‬يقبل عاقل أن تكون قضية بحجم قضية الفساد في‮ “‬ألبا‮” ‬محصورة في ‬شخصين اثنين فقط‮.‬ ‮
‬لسنا في‮ ‬وارد التماس أي‮ ‬عذر لمن‮ ‬يثبت تورطه في‮ ‬قضية فساد بحجم تلك التي‮ ‬يدور عنها الحديث في‮ “‬ألبا‮”،‮ ‬وسبق أن أفردنا لها عدة مقالات في‮ ‬هذه الزاوية من وقائع ندوة قدمها رئيس نقابة‮ ”‬ألبا” ‬علي‮ ‬البنعلي‮ ‬في‮ ‬مقر المنبر التقدمي‮ ‬منذ شهور‮.‬ وفي‮ ‬حدود ما نعرف فان الغرض من الحبس الاحتياطي‮ ‬هو التحقيق مع المتهم،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن لتحقيق أن‮ ‬يستمر كل هذه المدة،‮ ‬خاصة وأن التحقيق مع الموقوفين الاثنين قد توقف منذ مدة طويلة، ‬وخضع الموقوفان لظروف حبس سيئة،‮ ‬أدت إلى انتقال العدوى بمرض السل إليهما من أحد الموقوفين الآسيويين الذي‮ ‬وُضع معهما في ‬زنزانة واحدة،‮ ‬وهما الآن‮ ‬يتلقيان العلاج في‮ ‬المستشفى بعد إلحاح المنظمات الحقوقية البحرينية‮.‬
حال هذين الموقوفين‮ ‬يُنبهنا إلى محنة جميع من‮ ‬يخضعون للحبس الاحتياطي‮ ‬في‮ ‬القضايا المختلفة،‮ ‬فالمرسوم بقانون بشأن الإجراءات الجنائية الذي‮ ‬صدر ضمن حزمة المراسيم التي‮ ‬سبقت بدء الحياة النيابية عام ‮٢٠٠٢‬،‮ ‬يُعطي‮ ‬غرفة المشورة في‮ ‬المحكمة الجزائية الكبرى حق تمديد حبس المتهم احتياطياً‮ ‬دون تحديد،‮ ‬ولا تتيح للمتهم حق استئناف هذا القرار،‮ ‬فيما‮ ‬يعطي‮ ‬هذا المرسوم بقانون النيابة حق الاستئناف في‮ ‬حال قرر القاضي ‬إخلاء سبيل الموقوف احتياطياً‮.‬ محاربة الفساد‮ ‬يجب أن تكون شاملة،‮ ‬فليس،‮ ‬فإما أن تحفظ القضية لعدم كفاية الأدلة،‮ ‬أو‮ ‬يقدما للمحاكمة، ‬خاصة وان المسؤولية الجنائية شخصية فلا‮ ‬يؤاخذ احد بجرم سواه،‮ “‬ولا تزروا وازرة وزر أخرى‮”‬،‮ ‬وإلا فليطلق سراحهما بضمان محل الإقامة أو أي‮ ‬ضمانة أخرى تراها المحكمة فيما إذا كان التحقيق في‮ ‬القضية ما زال مستمراً‮.‬ ذلك أن الاستمرار في‮ ‬الحبس الاحتياطي‮ ‬كل هذه المدة هو وتعطيل لمصالح المتهم،‮ ‬وشكل من الإكراه المعنوي‮ ‬لأفراد عائلته‮.‬
 
صحيفة الايام
6 يونيو 2008