انتهت الجولة الأخيرة من منافسة الحزب الديمقراطي الضارية لاختيار مرشح الحزب لخوض الانتخابات الأمريكية القادمة بعد أن أمن باراك أوباما أخيراً أصوات المندوبين الكافية لترشيحه (2118 مندوبا)أمام المرشح الجمهوري جون ماكين الذي يوصف بأنه النسخة الأشد تطرفاً من جورج بوش.
كانت المرشحة المقابلة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون موعودة بأن تكون أول امرأة تتربع على كرسي البيت الأبيض، يقابلها أول مرشح أسود لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما ذو الأصول الصومالية المسلمة، ترشيح أوباما التاريخي، جاء بعد أن وقع الرئيس الأمريكي الراحل ابراهام لنكولن قرار إلغاء الرق قبل ثمانية وتسعين عاماً من ولادة أوباما، وبعد أن ناضل مارتن لوثر كينج لرفع التمييز العنصري عن الزنوج عبر تطبيق ما جاء في ذلك القرار، بعد سنوات من التنكيل والإهانة، والقتل على الأصل الاثني، بات الأمريكيون موعدون بأول رئيس أسود يحمل شعار التغيير وينتقد سياسات “الشركات الحزبية” المهيمنة على السياسة الأمريكية على ضفتيها الديمقراطية والجمهورية، مطالباً بتغيير واشنطن بالعودة إلى القيم الديمقراطية التي حملها الدستور الأمريكي، وبناء قاعدة سياسية جديدة بناء عليه.
ما يحسب لباراك اوباما أنه السيناتور الذي لم يصوت تأييداً لغزو العراق ولم يكذب كما فعلت كلينتون مدعية أنها تعرضت لمحاولة اغتيال في البوسنة في حين كّذبت الصور التلفزيونية ذلك.
أوباما البالغ من العمر سبعة وأربعين عاماً يقول أن لديه أقارب في كافة أقطار العالم، لكنه وصل لهذه المرتبة السياسية المتقدمة لأنه ينتمي للولايات المتحدة الأمريكية التي رسخت القيم الديمقراطية منذ تأسيسها.
يخوض أوباما الانتخابات الأمريكية بعد أن شهد حزبه أطول انتخابات تمهيدية في تاريخه بين هيلاري كلينتون التي تستند على موقع عائلة كلينتون في الحزب الجمهوري، والسيناتور الأمريكي الشاب الذي يتمتع بخطاب مغاير وبملكة كارزماتية أهلته لأن يخترق المستحيل، ستة عشرة شهراً هي مدة الحملة الانتخابية التمهيدية التي خاضها المرشحان حتى تمكن أوباما مؤخراً من تأمين العدد الكافي من المندوبين ليدفع حزبه لحسم قراره بشأن اختيار ممثل الديمقراطيين في الانتخابات لقادمة.
يواجه أوباما، المرشح الجمهوري المتطرف جون ماكين الذي دعى لبقاء الاحتلال الأمريكي مئة عام في العراق، وطالب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل في حين لم يتجرأ بوش إعلان هذا الموقف صراحة، كيف لا وهو الذي ترك موقعه الأكاديمي ليشارك في حرب فيتنام، وبعدها كوريا الشمالية حتى بات أسيراً في السجون الكورية لست سنوات، ماكين ذو اللسان السليط قد يسيطر على عقول مجموعة كبيرة من الأمريكيين لشخصيته المثيرة التي تصلح مادة للأفلام الهوليودية، خصوصاً إذا ما لعب على وتر خطر الإسلام الذي ينتمي إليه والدُ أوباما (حسين)، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يحقق أوباما التغيير المنشود في ظل سيطرة الشركات الكبرى على كافة الأجهزة البيروقراطية للدولة؟ سؤال مشروع في ظل تركيبة النظام السياسي الأمريكي الذي تعد فيه الشركات الكبرى مكوناً أساسيا، يحذف ويضيف ويوجه السياسات الداخلية والخارجية على حد سواء. وهل سيبقى أوباما على موقفه المحايد تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، أم أن مقتضيات المعركة السياسية القادمة ستطلب منه ولاء أكثر وضوحاً للكيان الصهيوني؟ وأخيراً هل نحن العرب بحاجة لرئيس أمريكي مختلف؟ أوليس نحن من تحمسنا لجورج بوش، بعد أن صرح منافسه الديمقراطي آل غور تأييده الكامل لإسرائيل أثناء انتخابات العام ألفين، فكانت النتيجة أن أحتفل بوش في الكنيست الإسرائيلي بذكرى نكبتنا الستين. أوليس الحري بنا أن نتحمس لقائد عادل ونظام ديمقراطي يكفل العيش المشترك والمساواة في أوطاننا العربية؟!.
خاص بالتقدمي