رد دائرة الشؤون القانونية على المذكرة التي تقدم بها المحامي عبد الله الشملاوي بشأن الطعن في الدوائر الانتخابية، تفتح مجددا النقاش حول هذا الموضوع. أسوأ محذور يمكن أن نقع فيه عند معالجة موضوع النظام الانتخابي في البحرين، وطريقة توزيع الدوائر الانتخابية فيها، هو أن نتعاطى مع الموضوع بصورةٍ طائفية، فيصبح موضوع الحديث هو: أيكون عدد النواب السنة في مجلس النواب، أو في المجالس البلدية أكثر من عدد النواب الشيعة أو العكس. للأسف الشديد فان الأمر أخذ ويأخذ هذا المجرى، فيبدو كأن الهدف من المطالبة بإعادة توزيع الدوائر الانتخابية وإصلاح النظام الانتخابي هو إعادة رسم التوازن بين السنة والشيعة في المجالس المنتخبة، لا إقامة نظام انتخابي عادل وديمقراطي يتيح فرصاً أفضل لتمثيل القوى الاجتماعية والسياسية في المجتمع في هذه المجالس بما يتناسب وحجمها وتأثيرها، بحيث لا يعود التمثيل فيها مقتصرا على القوى الكبيرة، وعلينا التذكير بأن هذه القوى في ظروف البحرين اليوم، وبحكم طبيعة الاستقطاب والتجاذب السياسيين، هي قوى ذات نزوع طائفي، سواء أرادت هذه القوى ذلك أم لم ترد.
كان المنبر التقدمي قد تقدم بمقترحٍ متكامل بتقليص عدد الدوائر الانتخابية تقليصا كبيرا بضم عدد من الدوائر الصغيرة المتجاورة في دوائر كبيرة، لتفادي عيوب التقسيم الحالي للدوائر، ؟وهو تقسيم يكاد يجعل الفارق بين عدد الناخبين بين دائرة وأخرى في بعض الحالات ؟ ثلاثة عشر ضعفا، في تعبير واضح عن التفاوت الشاسع، الذي لا بد من معالجته بتقليص ملموس وكبير في عدد الدوائر، لا يتقيد بالحدود غير العادلة لتقسيم المحافظات ويساعد على التغلب على التقسيم المذهبي للدوائر الانتخابية، وإقامتها بدلاً من ذلك على أساس المواطنة.
سيؤدي ذلك، إذا تم، إلى تخفيف حدة الاستقطاب الطابع الطائفي أو القبلي أو العرقي، ويمنح فرصاً أكبر للقوى غير الكبيرة في التمثيل في مجلس النواب والمجالس البلدية، وإعطاء الناخب فرصا أوسع في الاختيار بين المرشحين بدل أن يكون خياره محصورا في مترشحي الدوائر الصغيرة، كما أنه يضفي على المنافسة الانتخابية طابعا سياسيا ليحولها إلى منافسة بين البرامج، مما يزيد من فرص المترشحين الأكثر كفاءة وكذلك من فرص فوز النساء، ويقلل بالتالي من الأصوات المهدرة وتقليل إمكانيات التلاعب في مخرجات الانتخابات، وتقليص المصاريف الإدارية للعملية الانتخابية.
ينص مقترح المنبر التقدمي على أن يكون عدد الدوائر، بعد التقليص، عشر دوائر بدمج مجموعة من الدوائر القريبة من بعضها دون التوقف عند حدود المحافظات، على أن يمثل كل دائرة أربعة نواب، بحيث لا يجوز للناخب انتخاب أكثر من اثنين من المترشحين، لضمان عدم هيمنة القوى الكبيرة على كل المقاعد، وحرمان القوى الصغيرة والمتوسطة منها. من المهم التأكيد على أن هذا المقترح ليس أكثر من مقترح أولي، والمطلوب هو توافق الجمعيات السياسية على مقترح موحد يكون واقعيا ومطمئنا للقوى المعنية، ومقبولا من أوسع قاعدة يمكن أن تدعمه.
صحيفة الايام
4 يونيو 2008