استجواب كتلة “الوفاق” للوزير أحمد عطية الله حول عدد سكان البحرين يحملنا على تذكر استجواب آخر جرى في الفصل التشريعي الأول موضوعه إفلاس هيئتي التقاعد والضمان الاجتماعي الذي استدعى مساءلة الوزيرين المعنيين وهما عبدالله سيف ومجيد العلوي، بعد أن جرى استبعاد وزير العمل السابق عبد النبي الشعلة من دائرة الوزراء المعنيين لأنه أصبح خارج التشكيلة الوزارية ساعة التحقيق.
على خلاف الاستجواب الحالي، فان استجواب الفصل الأول بدأ بلجنة تحقيق تقدم بطلب تشكيلها نواب مثلوا كتل المجلس جميعها، وانعكست هذه المسألة في تركيبة اللجنة نفسها بعد أن وافق عليها المجلس. ورغم أن اللجنة التي اختار أعضائها في حينه رئيس المجلس باقتراح تقدم به للنواب ضمت ممثلين للكتل المختلفة، ألا أن بعض أعضائها لم يكونوا بالكفاءة المنتظرة في التحقيق في موضوع ذي طبيعة مالية وله تعقيدات وذيول كثيرة.
وقبل أن تباشر لجنة التحقيق عملها الفعلي تقدم عضوها عبد النبي سلمان باقتراح مخاطبة رئيس المجلس ليوافق على انضمام ثلاثة أعضاء آخرين لتقوية بنيتها وتعزيز كفاءتها، والأعضاء الثلاثة هم عيسى أبو الفتح ويوسف زينل وجاسم عبد العال، وهو ما تم بالفعل، حيث استجاب رئيس المجلس لرغبة اللجنة. كانت المدة المحددة لعمل اللجنة حسب قرار المجلس أربعة شهور فقط، لكن ما أن وضع أعضاء اللجنة أياديهم على المعلومات المثيرة عن أوجه الفساد والهدر في الهيئتين موضوع التحقيق، حتى أيقنوا أن هذه المدة لن تكون كافية للإحاطة بأبعاد الموضوع، مما حملهم على المطالبة بتمديد المدة إلى ثمانية شهور.
اختارت اللجنة فريد غازي رئيساً لها، وعبد النبي سلمان مقرراً، وبدت في تكوينها أبعد ما تكون عن أية شبهة طائفية، لأن قوامها المتعدد أكسبها هذه الصفة، واستطاعت اللجنة أن تحول القضية التي تحقق فيها إلى قضية رأي عام، انشغلت بها وسائل الإعلام والمجتمع المدني، وطاف مقررها عددا من المجالس والجمعيات في مناطق البحرين المختلفة، وهو يشرح أبعاد عمل اللجنة، وما أصبح في حوزتها من وقائع تدين القائمين على الهيئتين.
استدعت اللجنة الوزير عبدالله سيف في ثماني جلسات متتالية لسؤاله عن الأمور التي انتهت إليها، وفي نهاية المدة المقررة لعمل اللجنة أعدت تقريراً مهنيا مدعماً بالوثائق والبيانات، وتقدمت به إلى المجلس الذي استمع إليه وناقشه في عدة جلسات.
في نتيجة تلك المناقشة كان المفترض أن يحال الموضوع إلى اللجنة المختصة لاستجواب الوزيرين، وهي اللجنة المالية، لكن تقديرات رئيس المجلس ذهبت إلى أن لجنة الخدمات هي الأنسب، انطلاقاً من معرفته بالتركيبة المؤاتية لتلك اللجنة والتي ستجهض إدانة أحد الوزيرين كما كان مقدمو الاستجواب يطمحون.
وحين عرض على المجلس اقتراح سحب الثقة عن الوزير، بقدرة “قادر” تراجع غالبية النواب عن مداخلاتهم التي صعدت إلى عنان السماء حين قُدم تقرير لجنة التحقيق أول مرة للمجلس. من بين أربعين عضواً في المجلس صوّت على سحب الثقة تسعة نواب فقط. فيما صوّت المجلس على إحالة النائب عبد النبي سلمان إلى لجنة تحقيق لأنه تجاوز الحدود!
صحيفة الايام
29 ابريل 2008