لا يمكنني تصوّر بيئة أكثر عدوانية وقسوة وفساداً على أطفالنا من مدارسنا الحكومية, فنحن نجبر أطفالنا يومياً على الاستيقاظ باكراً للذهاب إلى المدرسة من أجل هدف وحيد هو تلقي العلم, في حين لا نعرف ما يلاقيه أطفالنا من صنوف الاعتداءات الجسدية والنفسية، ليس من قبل المدرّسين وإنّما من زملائهم الطلبة الأكبر سناً أو الأكثر قوّة أو الأقل تربية.
في مدارسنا الحكومية يتعلّم أبناؤنا جميع الألفاظ السوقية. في مدارسنا الحكومية يتعلّم أبناؤنا التدخين. في مدارسنا الحكومية يتعلّم أبناؤنا جميع السلوكيات غير السوية. في مدارسنا الحكومية يتعلّم أبناؤنا كلّ ما نحاول بجميع الطرق أنْ لا يعرفوه. وفي مدارسنا الحكومية يبتز القوي الضعيف, وتسيطر العصابة الأقوى من الطلبة على من لا عصابة له وتخضع “البويات” بناتنا لرغباتهن سواء بالتهديد والوعيد، أو حتى الضرب وفي أحيان أخرى من خلال الهدايا.
في مدارسنا الحكومية اختفى المربون وسقطت “التربية” سهواً من قاموس وزارة التربية والتعليم، ولذلك نجد مشرفاً اجتماعياً واحداً لكل300 طالب كما تشيع الوزارة… ولكن الواقع يقول غير ذلك تماماً.
هناك من القضايا التي تحدث في مدارسنا يصعب تصديقها، وهناك ملفات لا تريد الوزارة الحديث عنها. وهناك مشكلات عدّة تهرب الوزارة من مواجهتها… وإلاّ ما الذي يعنيه حرق الصفوف التعليمية “كما حدث في مدرسة الجابرية”، وما الذي تعنيه المعارك التي تستخدم فيها الأسلحة البيضاء وقضبان الحديد بين جماعة وأخرى، كما حدث في عدد من مدارسنا.
نوابنا الأفاضل أقاموا الدنيا ولم يقعدوها بسبب صورٍ لحركات راقصة في ربيع الثقافة، ولو فتح نوابنا ملفاً واحداً للتحقيق أو تقدّموا بسؤال واحد إلى وزير التربية والتعليم عن عدد حالات الاعتداءات الجسدية والجنسية والواقع التربوي في مدارسنا؛ لاكتشفوا إنّ ما قامُوا به من تشكيل لجنة للتحقيق في ربيع الثقافة دفاعاً عن الفضيلة في مجتمعنا موقف مخجل.
وإنْ كانت الوزارة تشكّك فيما نطرحه فلتدرس حالة “مدرسة سمو الشيخ محمد بن سلمان” كمثال على ما نقول.
صحيفة الوسط
20 ابريل 2008