تعد خسارة عبد النبي سلمان كمثال من كتلة الوحدة الوطنية، في الانتخابات النيابية 2006 واحدة من الأمثلة البارزة على أن الكفاءة والتجربة أو الحضور السياسي أو الاجتماعي أو البرنامج الانتخابي ليست هي معيار الفوز في المجالس المنتخبة في مملكة البحرين بل أن الذي كان يحدده هو اقتراب هذا المرشح أو ذاك من المرجعية الدينية، مرجعية شيعية كانت أم سنية .
لكن في المقابل فان تصويت 2396 ناخب لعبد النبي سلمان في دائرة وفاقية مغلقة رغم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة التي استخدمت في مواجهته للحيلولة دون فوزه، قد كشف عن المكانة الوطنية التي كان يتمتع فيها أبو سلمان وعن الدور البارز الذي قام به خلال الفصل التشريعي المنصرم. فألف تحية وتحية إلى ألفين وثلاثمائة وستة وتسعين ناخباً، صوتوا للكفاءة .صوتوا لعبد النبي سلمان.
إن هذه النسبة من التصويت التي حصلت عليها يا أبو سلمان لم تأت من فراغ بل هي شهادة من الناخبين على أن أنك كنت فارسا وشجاعا محاربا للفساد مع زملاءك داخل مجلس النواب، ومازال ناخبيك وغيرهم يتذكرون مواقفك المشرفة لعل أبرزها ما كشفت عنه من فساد في الهيئتين: هيئة صندوق التقاعد وهيئة التأمينات الاجتماعية.
وللبينة يمكن للمتصيدين في الماء العكر الرجوع لما نشرته الصحافة عن المواقف الكبرى التي خضتها وزملاءك في كتلة النواب الديمقراطيين، ويمكن لأولئك المتصيدين في الماء النتن الرجوع أيضاً إلى محاضر جلسات مجلس النواب للفصل التشريعي المنصرم، ليعيدوا حساباتهم بأنك كنت في مقدمة صفوف النواب مقاتلاً ليس في ملف الفساد فحسب بل في جميع الملفات التي عرضت على المجلس وهي شاهد آخر على إنك وزملاءك لم تكونوا تحتاجون إلي بينة من عبد الهادي خلف لإثبات نواياكم الجادة في محاربة الفساد والمفسدين.
يا أبا سلمان أيها المقاتل من أجل العدالة الاجتماعية داخل مجلس النواب وخارجه، لم يكن ما أثرته عن الفساد في المجلس السابق بشهادة المتابعين المتواجدين في المعترك السياسي مجرد ( ضجة ) كما يتصور عبد الهادي خلف، وكان في إمكانك أن تفعل الكثير لولا القيود التي رسمها الدستور الجديد واللائحة الداخلية والنظام الانتخابي و(قوى الفضيلة) ، ولاشك عندي أنك تعتز بوطنيتك وعضويتك في المنبر التقدمي الذي لم يرسم إليك حدودا لدورك الشجاع وأنت تكافح الفساد بصوت وطني مرتفع، سوى ما رسمه برنامج المنبر السياسي والبرنامج الانتخابي الاسترشادي الذي ساهمت أنت في وضعه، وأن ما أثاره عبد الهادي خلف في مقاله المنشور في صحيفة الوقت يوم الثلاثاء 8 أبريل 2008 العدد 778 بعنوان النواب والفساد ( بأن الجهة التي سلمت حقيبة السامسونايت وبها خمسون ألف دينار نقداً للمشرفين على مشاركة المنبر التقدمي هي التي رسمت لك هذا الدور) هو إسقاط أراد به تشويه الجهد الواسع والكبير الذي قام به المشرفون على مشاركة المنبر في انتخابات 2002 كما يفعل دائما في مقالاته، وأن ما كتبه في هذا المقال هو وهم وخيال صنع في السويد بعيدا عن المعترك السياسي الذي خضته مع رفاقك في المنبر التقدمي بشجاعة ونزاهة، وأن ناخبيك على يقين بأنه لم يكن لدورك يا أبا سلمان حدود سوى قيود السلطة التنفيذية.
وإن ما صرحت به عن الفساد في ( ألبا ) مؤخرا هو دليل علي أن عدم تمتعك بالحصانة البرلمانية لم ينل من شجاعتك، وانك لم تكن تحتاج على الإطلاق لمثل هذا التصريح حتى ( تخترع تاريخاً لم يكن )، إذ يكفيك إنك مازالت في ذاكرة الوطن والمواطنين . ولو انك احتفظت بهذه الحصانة لأتقنت كيف تستخدم وسيلة لجان التحقيق المغيبة في هذا الفصل التشريعي في كل ما تناوله تقرير ديوان الرقابة المالية بما فيه الفساد في ألبا.
إن الأسئلة التي أشار إليها عبد الهادي خلف في مقاله المشار إليه تعليقاً على تصريحاتك حول الفساد في صحيفة الأيام تؤكد على صحة ونجاح مشاركتك ومشاركة المنبر التقدمي في انتخابات2002 ولا تؤكد على فشلها كما يتصور فهو حين يسأل ( ألم يكن وضعك أفضل من الآن عندما كنت نائباً تتمتع بالحصانة البرلمانية؟ فحصانتك وقتها كانت ستعطيك القوة على إثارة الموضوعات التي لا يستطيع الآخرون إثارتها … )، فذلك تأكيد على أهمية الحصانة البرلمانية ، ودليل على فشل المقاطعة لانتخابات 2002 التي احتمي بها وشجعها ، وعلى العكس تماما فإن ما أثاره في مجمل ما كتبه يفتح الباب أمام سؤال هو لماذا يتجاهل عبد الهادي تسمية من لا يُسمّى وما لا يُسمى من المفسدين في مقالاته بدلاً من الحملة الظالمة التي شنها عليك وعلى المنبر التقدمي، وهو المتمتع بحصانة الدخول إلي البحرين وبحصانة (الشجاعة التاريخية)، أليس فيما يكتبه من اتهامات للمنبر التقدمي واليك هو ما تريده دولة المعز؟
ففي الوقت الذي ينهمك أعضاء المنبر التقدمي والمخلصون له في بناء هذا المنبر وتطوير دوره في الحياة السياسية في البلد بدأب وصمت وتواضع فان صاحبنا لم يضع لبنة صغيرة واحدة في هذا المنبر، وجعل مهمته الوحيدة هي الإمساك بمعول الهدم والتعريض به، بشكلٍ يجعلنا نتساءل عن هدف ذلك وأبعاده.
نعم يا أبو سلمان قد ينهار المثقف عند سماع رنين المعز، لكن في السجن لم يسمع المثقفون المنهارون من كل القوى السياسية في البحرين ذهبا يرن، بل سوطا وكرباج رن على أجسادهم لكنهم مازالوا في المعترك السياسي يكافحون في إطار المتاح وفي ظل الظروف الجديدة التي تعيشها البحرين، غير أنه قد يكون لرنين ذهب المعز وقع آخر على أولئك المثقفين اللذين يُسخرون أقلامهم ومواقفهم ويتجاهلون الحقائق ويقلبونها بعيدا عن هذا المعترك خدمة للمعز المبتهج بدورهم التخريبي.
شكرا لك عبدالنبي سلمان أيها المثقف على ما قمت به وما تزال، فهو يحفزنا بلا يأس نحو أمل مشرق في وطن حر وشعب سعيد . ويجعلنا نعتز بأن المنبر التقدمي ينتمي إليه من أمثالك .