المنشور

عن الفساد في‮ “ألبا‮” (3)

حسب بعض المعطيات الواردة في الورقة التي قدمها رئيس نقابة “ألبا” علي البنعلي فان بعض المتنفذين في الشركة استلموا رشاوى بلغت قيمتها 60 مليون دولار سنوياً، وآلية ذلك هي أن تدفع الشركة الموردة للمادة الخام ما تبلغ نسبته بين20٪ إلى 35٪ من المبلغ على شكل رشاوى، لقاء أن يرسوَ على هذه الشركة عقد التوريد الذي تبلغ مدته 15 عاماً. تضاف تكاليف الرشاوى إلى سعر المادة الخام، وتتحمل “ألبا” شراءه بسعر أغلى من السوق العالمي، فيما يذهب الفارق إلى الجيوب الخاصة. وتصل مبالغ الرشاوى التي دفعت نتاج هذه الصفقات غير الشرعية ما يتراوح بين ١٢١مليون دينار و٢١٢ مليون دينار، ابتداء من العام 2004. ومن نماذج ذلك أن “ألبا” تدفع حوالي 4.6 مليون طن من المادة الخام كل ٣ شهور، على أن تقوم الشركة المتورطة في الصفقة، أي “الكوا”، بإرسال شحنات المواد الخام على دفعات، وبين مستندات الشحنة وجدت فاتورتان إحداهما من “الكوا” بنصف الكمية أي 2.3 مليون طن، والفاتورة الثانية بالنصف الباقي، ولكنها مسجلة باسم الوسيط الذي أشرنا إليه في الحلقة السابقة من هذه المقالات. في نتيجة الأجل الطويل لهذه الصفقة والبالغ 15 عاماً، وهو ما تعمد الوسطاء توريط المسؤولين في “ألبا” فيه، لقاء الرشاوى التي دُفعت، فان “ألبا” تبيع الطن الواحد من منتجها بسعر 1600دولار فقط، فيما متوسط سعر هذا الطن في السوق يبلغ 2900 دولار، وفي بعض السنوات فاق السعر هذا المتوسط. علينا بعد ذلك تصور حجم خسائر الشركة، والتي يقدرها البنعلي بـ 200  مليون دولار سنوياً، نتيجة الجشع والأنانية التي تجعل البعض يقدم مصالحه الشخصية على المصلحة الوطنية العليا. ويتم ذلك نتيجة تلاعبٍ مُحكم، حيث تتأسس شركة وهمية، تتصل بالشركات الفعلية لتقديم العطاءات من خلالها، وبعد أن يرسو العقد على الشركة الوهمية، تقوم بإغلاق أبوابها بعد أن تستلم آخر فاتورة من “ألبا”. يمكن الذهاب أكثر في الإشارة إلى أوجه فساد محقق في “ألبا”، حين نقرأ أن مشروع الخط الرابع أنجز بكلفة 1.2 مليار دولار في عام 1992، فيما مشروع تكليس الذي أنجز بعد ذلك بنحو ٩ أعوام، أي في عام 2001 أنجز بكلفة لم تتعد 400 مليون دولار فقط. ويمكن الاستطراد بالإشارة إلى أن مشروع الخط الخامس أنجز في عام 2003 بمبلغ 1.7 مليار دولار، فيما قامت شركة “دوبال” في إمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة بانجاز نفس المشروع، وبعد ذلك بعام واحد “2004” بكلفة 1.2 مليار دولار فقط. والسؤال يطرح نفسه: أين ذهبت أموال هذه الفروقات الشاسعة؟
 
صحيفة الأيام

9 أبريل 2008