خلونا من الاستجواب الذي كان من المفترض أن يتعامل معه النواب بأمانة ومسئولية وخلونا أيضاً من كل الاختلافات والتباينات التي كانت ولا تزال دائرة حول دستوريته وخاصة استجواب عطية الله الذي راهنت بعض الكتل البرلمانية لإسقاطه لمصالح سياسية لا يعلمها إلا الله ودعونا نسأل أليس من حق المواطن أن يطرح كافة الأسئلة حول تلك المراهنات والصفقات السياسية التي عرقلت الاستجواب؟
والأهم من ذلك أليس من حقه أن يسأل حول تلك “الفزعة” الطائفية البغيضة التي إن دلت على شيء فإنها تدل على التركيبة الطائفية للبرلمان؟؟
وبالتالي ماذا يستنتج هذا المواطن الذي لا حول له ولا قوة من هذه الاصطفافات الطائفية في حين أن رموز الفساد المالي والإداري أبعد ما يكونوا عن الرقابة والمحاسبة؟!
يا جماعة إن ما يجري اليوم تحت قبة البرلمان يكشف عن مدى خطورة اللعبة السياسية التي باتت خيوطها تدار بشكل طائفي ويكشف أيضا أن غياب القوى الديمقراطية والتقدمية عن السلطة التشريعية قد أخل بتوازنات المجلس وبإنجازاته والفضل يعود كما هو معروف للقاصي والداني إلى المراكز الانتخابية العامة وإلى المال السياسي الذي قال كلمته في الانتخابات البرلمانية الماضية!!
لماذا انشغل نوابنا بالطائفية وضاع الاستجواب وضاعت معه الرقابة؟؟ الجواب ليس صعباً أو معقداً بل هو بسيط جداً ويتلخص في أن بعض الكتل البرلمانية استهوتها هذه اللعبة القائمة ليس على الانحياز الطائفي فقط وإنما أبضاً على الانتهازية والتستر على التجاوزات وهنا كان بودنا أن تنحاز للوطن والمواطن لأن المواجهة الحقيقية تكمن في الرقابة والتشريع وتكمن أيضاً في إصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتأزمة!!
وإذا كانت جميع الكتل ساهمت بشكل أو بآخر نحو التصعيد الطائفي فإن تجارب الشعوب التي تعاني من انقسامات طائفية ومذهبية ماثلة في الأذهان ولعل العراق أهم مثال على ذلك وبالتالي فإذا كنا في أتم الحرص على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي والاجتماعي فإن الطريق الوحيد لتحقيق ذلك يتمثل في تكريس حقوق المواطنة وفي إشاعة المساواة والحريات التي لا يزال تيار الإسلام السياسي مصراً على انتقاصها وتقيدها بقيود تعود إلى عصر الظلام!
ولعل موقفهم السلبي من قانون الأحوال الشخصية والثقافة والصحافة يعكس بوضوح تام أهداف وغايات هذا الإصرار!!
إذًا فالإشكالية هنا ليس في أهمية الاستجواب وإنما في النفس الطائفي الذي رافق هذه الأداة الدستورية المشروعة.
وإلى الذين يسعون اليوم داخل المجلس التشريعي وخارجه إلى إثارة الفتن الطائفية في المجتمع البحريني المتعايش والمسالم والمتسامح نقول لهم بإيجاز:
رغم كل المصالح الحزبية والعقائدية التي تقف وراء تأجيج الطائفية.. فإن التاريخ الوطني لهذا الشعب الداعم للوحدة الوطنية طيلة مراحله النضالية والسياسية هو الكفيل بالقضاء على هكذا مشاريع وهكذا توجهات خطرة على الاستقرار.
خاص بالتقدمي