قلنا أمس إن الطريقة التي سيجري عبرها التعاطي مع قضية الفساد في “ألبا” ستُظهر مدى الجدية في التعاطي مع ملف الفساد برمته في مختلف المواقع، فإن تمت تسوية الأمر من وراء الكواليس، ومن ثم طوي ملف القضية كاملا، على نحو ما جرى مع حالات فساد أخرى أقل أهمية، فان تصدعاً إضافيا سيصيب مصداقية محاربة الفساد الآخذة في المزيد من التآكل للأسف الشديد. أما إذا ظهر أن هناك جدية وحزماً في الذهاب بالملف إلى نهاياته المنطقية، أو التي يجب أن تكون منطقية، أي تحديد المسؤولين ومحاسبتهم، فإننا بذلك نكون قد أعطينا بعض الأمل للناس في مستقبل الإصلاح في شقه الاقتصادي، وخاصة في الجانب المتصل بمحاربة الفساد. خلصنا في حديث الأمس ان شركة “الكوا” ابتزت “ألبا”، مستفيدةً من مناخ الفساد الذي جرى على خلفية الرشى والعمولات، بأن تتنازل عن ٦٢٪ من أسهم حكومة البحرين في الشركة لصالحها، وبالفعل فانه في سبتمبر ٣٠٠٢، وقبل انتهاء عقد التصدير بثلاثة شهور وُقعت مذكرة تفاهم مع “الكوا” بموجبها تبيع “ألبا” الحصة المطلوبة، أي ٦٢٪ للشركة الأولى، على أن تسجل لصالح “الكوا” مباشرة أو لإحدى شركاتها الوهمية. المضحك المبكي انه حين تم الإعلان عن التوقيع على تلك المذكرة صُوِّر الأمر على انه انجاز كبير للبحرين، في معرض تسويق الفكرة للرأي العام المحلي. تم البيع مقابل مليون طن من المادة الخام في العام الواحد، حتى يتم استكمال تسديد قيمة الحصة مع بقية الرسوم الإدارية الأخرى، وجرى كل ذلك عبر وسيط كندي الجنسية، أردني الأصل ومحامي الشركة، اللذين كانا على اتصال مع المسؤولين الواردة أسماؤهم في القضية المرفوعة الآن من قبل “ممتلكات”. يبدو أن مراجعة من نوعٍ ما للأمر قد تم بموجبها انسحاب البحرين من تلك الصفقة المجحفة، حين بات من الصعب تبرير أو اخفاء خسارة البحرين لهذه النسبة العالية من حصتها في الشركة، فضلاً عن أن الصفقة ستعطي “الكوا” قوة تصويتية في قرارات الشركة، إضافة إلى مصالح أخرى للشركة ستترتب على ذلك. لكن جهود المستفيدين من تلك الصفقة لم تتوقف، حيث واصلوا مساعيهم لإقناع الحكومة بإيجاد توافقٍ مع “الكوا” حول الصفقة. وبلغ الأمر مستوى ابتزازيا خطراً حين ضغط محامي “الكوا” على البحرين بقوة لتمرير الصفقة، وإلا فانه سيعرقل انضمام البحرين إلى اتفاقية التجارة الحرة مع أمريكا، بحجة انه سيكون صعباً عليه دعم موقف البحرين الراغبة في الانضمام لها. للحديث تتمة
صحيفة الايام
7 ابريل 2008