قضية الفساد في شركة “ألبا” تصلح لأن تكون اختباراً حقيقيا لتوجهات الإصلاح، فعلى الطريقة التي سيجري بها التعامل مع هذه القضية، سيظهر مدى جدية جهود محاربة الفساد، خاصة وان هناك قضايا فساد أقل شأنا من هذه، والمتورطون فيها لا يملكون “الحصانة الاجتماعية” التي يحظى بها المتورطون في قضية الفساد في “ألبا”.
وفي هذا الإطار أقام المنبر التقدمي الأسبوع الماضي ندوة قيمة عن “أبعاد قضية الفساد في ألبا” تحدث فيها كل من النائب السابق عبدالنبي سلمان، وعلي البنعلي رئيس نقابة العاملين في “ألبا”، اللذان سلطا الضوء وبالتفصيل على قضية تشغل الرأي العام في الوقت الحاضر، وتعد حالة نموذجية لأوجه الفساد التي تعشعش في العديد من المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية.
عبدالنبي سلمان شرح في مداخلته أن قضية الفساد في “ألبا” تتجسد في تقديم رُشى وعمولات غير قانونية، تورط فيها أكثر من مسؤول، حيث إن شركة “الكوا”، وباتفاقٍ مع مسؤولين في “ألبا” تعمدت زيادة سعر المادة الخام المباعة لـ “ألبا”، ليذهب الفرق في السعر إلى شركات وحسابات وهمية، حيث تم ربط الشركة بعقود تنتهي في عام ٩١٠٢ بسعر مجحف للطن مقابل ما يُباع به في السوق العالمي حالياً. وظلت الرشوة ودفع العمولات من قبل “ألبا” مستمرة، جنباً إلى جنب مع محاولة الاستحواذ على حصة من الشركة بأسعارٍ أقل، في ظل الابتزاز والتخويف بأنه سيتم قطع إمدادات “ألبا” من المادة الخام. ومع توقيع عقد عام ٥٠٠٢ حاولت “الكوا” فرض شروط مجحفة إضافية على “ألبا”، حيث اتخذت العملية مساراً آخر من خلال المطالبة بـ ٦٢٪ من أسهم حكومة البحرين في الشركة البالغة ٧٧٪، وبسعر مجحف لا يتجاوز ٠٠٦ مليون دولار، في الوقت الذي قدرت فيه القيمة الحقيقية لتلك النسبة بمليار دولار، على أن تدفع مقابل تصدير مليون طن سنوياً من المادة الخام، أو أن يكون الخيار الآخر زيادة ما تدفعه “ألبا” لـ “الكوا” من سعرٍ على شكل زيادة في السعر والعمولات. وقد تمّ تجديد العقد مع “الكوا” أكثر من مرة، دون النظر إلى عروض المنافسين، أو حتى مجرد الاستفسار حولها، والملفت ان أياً من أعضاء مجالس الإدارة المتعاقبة لم يطرحوا على أنفسهم السؤال: “لمصلحة من يكون ذلك”؟
ولو جرى التدقيق في تفاصيل الدعوى المرفوعة أمام محاكم بنسلفانيا، لوجدنا فيها من التفاصيل ما يدوخ الرأس فعلاً حول المدى الذي يمكن أن يذهب إليه الفساد المالي والإداري في غياب آليات الرقابة الشعبية والبرلمانية التي منعت عمليا نحو ٣ عقود. للحديث تتمة.
صحيفة الايام
6 ابريل 2008