لعل من أهم ما يقع على عاتق اللجنة التنسيقية التي نظمت مؤتمر الحوار الثاني تحت شعار “الثوابت الوطنية فوق الانتماءات الطائفية”، متابعة التوصيات التي صدرت عن الورش التي ناقشت محاور متعددة، مهمة في المضمون والتوصية. لأن مجرد الجلوس على طاولات أعدت للحوار، وإدانة الجميع للطائفية ليس هدفاً من أهداف اللجنة التنسيقية، وهنا يجدر بي التذكير الى مقال زميل لنا، استوقفني من بين عدة مقالات كتبت عن الموضوع ذاته، تساءل فيها وقال إذا كان الجميع يدين الطائفية ويدعو لمحاربتها فمن هو الطائفي إذاً؟!
ومن هنا، كان الطموح هو ان يؤثر المؤتمر على المشهد المنبوذ بالكامل، فتتغير على إثرها التعاطي الإعلامي ويتغير أداء جمعيات الإسلام السياسي، الذي نعتبرها أساس المشكلة، بل نرى انها المغذي لوريد الطائفية الموجود في بنية بعض الأذهان، التي تقسم الناس الى قسمين طبقاً لشعار “ملعون من يخالفنا، مرحوم من يتبعنا”.
وبالمناسبة هذا الشعار اللعين ليس حادثا على المجتمع العربي خصوصاً، بل هو نفس المفهوم الذي نادى به الإسلامي حسن البنا في المؤتمر الخامس لجماعته، وإن اختلفت الصياغة..
إن مجهود وتعب القائمين على اللجنة التنسيقية خلال الأشهر الماضية الذي أعاد الوهج الى اللجنة بعد موتها، سيذهب هباء منثوراً إذا لم توجد آليات لتنفيذ التوصيات التي صدرت عن المؤتمر، وإلا سيكون الناتج “… مثل ما رحتي جيتي”، بل وربما تزيد الجرعات والاحتقانات الطائفية البغيضة، بناء على كل انعكاسات مرتقبة دولية كالهجمة المرتقبة على إيران، أو تطور الأوضاع في العراق، او لبنان التي لا نعلم كيف يمكن ان يتطور المهد الدراماتيكي فيها، خصوصاً إذا ما اتخذنا بعين الاعتبار السعي الحثيث لإعطاء هذا الخلاف تحديداً طابعاً شيعياً سنياً.
إضافة الى كل هذا التفاعل السياسي الدولي، هناك اهتمام غير مسبوق بالخلاف التاريخي الذي له بالغ الأثر في تشطير وتوسيع خلايا الطائفية في دماغ المهووسين بالتاريخ، والجدل بأحقية خلافة او صحة موقف زيد من الصحابة او عمر. لماذا كل هذا التركيز على خلاف سياسي انتهى بموت أصحابه.
ما ندعو له هو إيجاد آليات تنفيذ لتوصيات المؤتمر، على ان تتحمل القوى المجتمعية والرسمية مسؤوليتها التاريخية، في تجفيف منابع الشحن الطائفي حتى نصل الى مرحلة القضاء عليها.
في الختام، مشكور من قام على المؤتمر، وامتنان وعرفان لمن سيساهم في تنفيذ التوصيات.
صحيفة الايام
6 ابريل 2008