المنشور

نحو حركة شعبية مناهضة للغلاء

موضوعات عدة كنت أرغب في الكتابة عنها لهذا الأسبوع، إلا أنني بعد يوم من العمل الطويل وكالعادة اتصلت بالأسرة لأسأل أفرادها إذا ما يرغبون في شيء أحضره معي قبل عودتي للبيت، الطلبات كانت بسيطة خبز وحليب ولا تنس تمرا على ‘الشواطرة’ مشتهين حلوى بحرينية ومتاي.. حاضر على العين. اشتريت المتاي وإذا بالسعر وفي غمضة عين قد أصبح بدينار ونصف الدينار للكيلو الواحد بعد أن كان يباع بدينار للكيلو، أي أن الزيادة تعادل 50% من السعر الأصلي! قبل يومين أخذت قناني الماء الفارغة وتوجهت إلى محطة بترول نادي المحرق، حيث يوجد محلاً لبيع الماء المخصص للشرب، ملأت القناني، سألت العامل عن القيمة وإذا بالقنينة التي كانت بـ 50 فلساً قد أصبحت بـ 75 فلساً، أي أن الزيادة في السعر تعادل 50% من السعر الأصلي، أما القنينة التي كانت بـ 25 فلساً قد أصبحت بـ 50 فلساً، أي أن الزيادة في السعر تعادل 100% من السعر الأصلي! قبل ثلاثة أيام كنت أتسوق في محل لبيع الخضراوات والفواكه، لا يوجد حديث لدى المشترين غير الأسعار التي كسرت وتكسر ظهر المواطن، تركزت تعليقات المواطنين على الـ 50 دينارا، تلك الصدقة التي ينتظرها الجائعون بفارغ الصبر، أعجبني تعليق أحد المواطنين عندما علق مقترحاً أن يمنح المواطن الحكومة 50 ديناراً على أن تعمل مقابل ذلك على المحافظة على الأسعار القائمة على أقل تقدير. نحن بحاجة لحركة شعبية واسعة مناهضة للغلاء شريطة أن لا تتقدم هذه الحركة بطلب ترخيص من وزارة التنمية الاجتماعية، لأن الحصول على مثل هذا الترخيص (في حال الموافقة عليه) يتطلب الانتظار ثلاث سنوات حتى ينال الموافقة وبشروط الوزارة التي ستحد من تحقيق أهداف هذه الحركة التي ندعو لها. نسأل حكومتنا الرشيدة وأعضاء مجلسي السلطة التشريعية من شوريين ونواب: هل الغلاء هو حالة طارئة تستغرق أياماً وشهوراً ومن ثم ستعود المياه إلى مجاريها؟ يبدو أن حكومتنا والسادة النواب والشوريين يتصرفون وكأن الغلاء هو حالة طارئة ومؤقتة، وبالتالي فإن حل صدقة الـ 50 دينارا هو حل مناسب، بل وأكثر من مناسب. ليطمئن المواطن فإنه بمجرد صرف الـ 50 دينارا فإن هذه المشكلة المؤقتة ستنتهي بانتهاء آخر فلس من هذا المبلغ. فعلاً نحن بحاجة إلى حركة شعبية واسعة لمناهضة الغلاء الفاحش، تضم هذه الحركة جموع شعبنا المغلوب على أمره المكتوي بنيران ارتفاع أسعار النفط الذي تجاوز سعره المئة دولار، المواطن الذي يجهل أين تذهب الفروق الناتجة عن هذه الزيادة. هذا الشعب المكتوي بنيران الفساد المستشري الذي يحسه ويعرفه بل ويراه رؤية العين المجردة، سرقة أموال بالمليارات، ونهب للأراضي والبحار، سرقات وفساد ونهب لكن من دون تحديد من هو السارق ومن هو الناهب، كل ما هو واجب على هذا المواطن القبول والرضا والحمد والشكر. نحن بحاجة إلى حركة حضارية سلمية تضم الشرائح الواسعة من شعبنا الذي تجمعه لقمة العيش، كي تعبر للسلطة عن المعاناة الحقيقة التي يعيشها المواطن البسيط الذي لا يدري كيف يتدبر قوت يومه، وتطالب بالحقوق لا المكرمات والصدقات، نحن بحاجة للنضال السلمي من أجل حقوقنا كافة وفي مقدمتها حق العيش بكرامة، دون الاعتماد على المكرمات والصدقات ومعونات الصناديق الخيرية؛ لأن شعبنا مقتنع أشد الاقتناع أن هناك سرقات وفساداً ونهب،اً ولو توقفت هذه السرقات والنهب والفساد وتم التوزيع العادل للثروة، فإنه سيعيش حياة كريمة بعيدة عن المذلة من أجل لقمة العيش. هذه الحركة تدعو إلى اعتصامات سلمية هدفها الوحيد توصيل رسالة سلمية للسلطة تعبر عن معاناة غالبية أبناء هذا الشعب جراء الغلاء الفاحش الذي التهم الأخضر واليابس، حركة تعبر عن القناعة التامة للناس بأنه لو توقفت السرقات والنهب والفساد وتم التوزيع العادل للثرة فإن الخير كل الخير سيعود على الوطن والمواطن. بإمكان هذه الحركة أن تدعو المواطنين إلى الامتناع عن شراء سلعة أو سلع محددة ولفترة محددة، أو تعليق أعلام سوداء على سطوح المنازل، للتعبير عن الحركة الاحتجاجية على الارتفاع غير السوي وغير المعقول في أسعار كل المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن وفي مقدمتها أسعار المواد المتعلقة بلقمة العيش، والتوقيع على عرائض توجه للسلطة. لقمة العيش تجمعنا. لنتوحد جميعاً في حركة شعبية مناهضة للغلاء.

صحيفة الوقت
5 ابريل 2008