لعل من ابرز الاقتراحات التي توصل اليها مجلس التنمية الاقتصادي للتخفيف من حد الغلاء الذي شمل كافة السلع من دون استثناء هو فتح باب الاستيراد للمؤسسات المحلية والاجنبية بشكل اوسع، والفكرة او الهدف من وراء هذا الاقتراح هو توفير البنية الاساسية لتشجيع المنافسة بين هذه المؤسسات بغرض الضغط على الاسعار باتجاه الانخفاض، ويدعو الاقتراح ايضا الى تشجيع المستهلكين إلى تقليص مشترياتهم وعلى الاخص تقليص استهلاك كماليات الرفاهية. هذه المرئيات التي كانت من اهتمامات مجلس التنمية كانت ايضا من اهتمامات مجلس الشورى ولا شك ان هذا المقترح اذا ما اخذناه بجدية سوف يساهم في الحد من احتكار السلع المختلفة والتلاعب بالاسعار من قبل بعض المستوردين والتجار الذين غالبا ما يبررون ارتفاع الاسعار بالاسباب الخارجية التي تتمثل في الارتفاع العالمي للاسعار بسبب ارتفاع اسعار النفط وتدني سعر الدولار، ولكن الى اي حد يمكن ان يساعد هذا التوجه او اي توجه آخر في تراجع الاسعار او في انخفاضها؟ هذا هو السؤال الذي يجب ان نتفق على طرحه اليوم، وعلى الحكومة ان تنسق جهودها مع النواب بدرجة اكبر اذا ما اردنا ان نتصدى للغلاء. ما من شك ان الحكومة مسؤولة عن تنفيذ خططها وبرامجها الخاصة بالغلاء، ومع ذلك فالمسؤولية هنا ليست مقتصرة على الحكومة فقط، وانما على النواب ايضا، وبالتالي ما ينتظره المواطن من اصحاب السعادة ليس تلك التبريرات واسقاط اللوم على الحكومة والشورى بشكل يومي بانهم خارج اللعبة او من ضحاياها حتى لا تطالهم وتطاردهم المحاسبة، وانما الجهود المكثفة والتدابير العملية والواقعية لمكافحة ازمة الاسعار خاصة وانهم والى هذا الوقت لم نسمع انهم بصدد دراسة او مشروع يعالج هذه الازمة لسنوات قادمة وكنا نتوقع من نوابنا قبل غيرهم ان يضعوا تصوراتهم وحلولهم لمشروع وطني لا يقف عند اسباب الظاهرة ويكتفي بالاجراءات المرحلية بل كيف يعالج المشكلة من جوانب عدة كخطوة اساسية لتحسين المستوى المعيشي للمواطن، حقا ان مقترح مجلس التنمية الاقتصادية القاضي بفتح باب الاستيراد على مصراعيه له من الايجابيات خاصة واننا ندعو الى توفير الحقوق الاقتصادية وعندما نشجع هذا الخيار يعني اننا نحرر الاستيراد من الاحتكار والمحتكرين الذين ارهقوا كاهل المستهلك من مضاعفة اربحاهم برفع الاسعار بشكل متزايد وفي الوقت نفسه حتى لا نراوح مكاننا وتزداد مشكلة الاحتكار، لا بد لنا من رقابة وضوابط قانونية تدعم المنافسة لحماية مصالح المستورد والمستهلك الذي هو في امس الحاجة الى قانون يحميه من الغش التجاري ومن التلاعب بالاسعار. على كل حال نحن مع كل خطوة او توجه يضع حدا للاسعار، ولكن ان يتفرغ نوابنا لاكثر من شهر لمناقشة دستورية الاستجواب الذي نتجت عنه تكتلات طائفية فهذا لا يتفق تماما مع مصالح الناس ولا مع مصالح البلاد ولهذا السبب نقول: اذا كان الغلاء من الازمات المؤجلة حتى اشعار آخر فان مكافحة الفساد هي الاخرى مؤجلة ايضا خاصة وان مكافحته تستلزم التعاطي مع شعار “من اين لك هذا” وهذا الشعار ليس مرغوبا او محببا لدى بعض النواب الذين ومن دون حسد اقتربت ثروتهم من الملايين!! يا ترى هل نوابنا هم الآن بصدد مكافحة الغلاء ضمن مشروع وطني يأخذ في اعتباره كل المرئيات بما فيها تصورات مجلس التنمية الاقتصادية؟ ام انهم سيظلون في دائرة الاستجواب والاصطفافات الطائفية حتى اشعار آخر؟ هذا ما ينتظر المواطن معرفته.
صحيفة الايام
5 ابريل 2008