قلنا مرة انه ليس مطلوبا من مؤتمر مثل مؤتمر الحوار الوطني ينعقد لمدة يوم واحد أن يحل مشكلة في حجم مشكلة الطائفية التي تنخر في المجتمع، وليس من شأن كل مؤتمرات الدنيا التي تتصدى لقضايا كبرى أن تحلها خلال أيام أو ساعات انعقادها. ما تفعله هذه المؤتمرات هو أنها تسلط الضوء على أبعاد القضية التي تدرسها وتسهم في خلق رأي عام حولها، وهذا ما أفلح مؤتمر الحوار الوطني الذي أقيم نهار السبت الفائت في تحقيقه بنجاح بشهادة كل المنصفين الذين حضروا المؤتمر أو تابعوا أعماله. لكن هناك من يغيظه أن ينجح سواه فيما أخفق هو فيه، ففي جرة قلمٍ واحدة ألغيت جهود عدة جمعيات سياسية انهمكت في العمل المخلص وبصمت خلال الشهور الماضية، بعد أن عادت الروح إلى لجنة التنسيق بين الجمعيات السياسية بعد موتها، حيث انصرفت هذه الجمعيات بدأب ومثابرة في التحضير لهذا المؤتمر، ووضع محاور البحث التي كان عليه أن يناقشها، وأمنت حشداً فعالاً من الفعاليات السياسية والحقوقية والمهنية والإعلامية والبرلمانية في الجلسة العامة للمؤتمر وفي ورشه المتخصصة، وأتاحت لوجهات النظر المختلفة في المجتمع أن تعبر عن رأيها تجاه قضية الطائفية التي تشغل الجميع بمنتهى الشفافية والوضوح والصراحة. ونفاجأ بعد نجاح المؤتمر والصدى المشرف الذي تركه في المجتمع وفي وسائل الإعلام ولدى الأوساط السياسية الشعبية والرسمية بمن يقول انه كان على المؤتمر أن يناقش قضايا أكثر حيوية. فليكن! لا مانع من مناقشة قضايا أكثر حيوية، لو تفضل المتفضلون وسموا لنا عنواناً واحداً يمكن أن يحظى بمثل هذا القبول والاجماع من كل القوى المشاركة في المؤتمر أكثر من موضوع الطائفية الذي اختارته لجنة التنسيق بين الجمعيات السياسية التي يتشرف المنبر التقدمي برئاستها في دورتها الراهنة ممثلا في د. علي البقارة عضو مكتبنا السياسي ومسؤول اللجنة السياسية فيه. ثم انه بودنا أن نسأل من يروا في نجاح مؤتمر الحوار الوطني فشلاً، فيطالبوا بتفعيل لجنة التنسيق بين الجمعيات السياسية، في أي سبات عميق هم نائمون، فمن الذي نظم المؤتمر وأشرف عليه ووجه الدعوات للمشاركين، وعقد سلسلة من اللقاءات مع الجهات المهنية بمن فيهم الجهات الرسمية والنيابية التي شاركت في المؤتمر، أليس هي لجنة التنسيق التي يطالب من يطالب بتفعيلها، وهم خير العالمين أن هذه اللجنة بعثت بعد موات بجهود المخلصين والمثابرين من ممثلي الجمعيات السياسية، الذين سيواصلون دأبهم في سبيل أن تحافظ على حيويتها بعد أن تنتقل رئاستها إلى جمعية أخرى تكريساً للممارسة الديمقراطية.
صحيفة الايام
3 ابريل 2008