اتحاد عمّال البحرين بدأ يعيد إنتاج خطأه الرئيسي بخطأ أكثر حماقة. كان من المفترض أنْ يدرك الاتحاد أنّ عليه الدفاع عن جميع العمال بحرينيين وغير بحرينيين معا. هناك تجربة ثرية من تاريخ الحركة العمالية البحرينية في عقود السبعينات في تعاضد وتلاحم المطالب العمالية بمختلف قطاعاتها. نحن نواجه ظرفا الآنَ يتميز بوجود أربع فئات عمالية مختلفة وغير متكاملة : العمّال البحرينيون في قطاع الشركات المشتركة ( ألبا – بابكو -.. الخ ), العمال البحرينيون في شركات القطاع الخاص – الموظفون البحرينيون في القطاع العام _ وأخيراً العمالة الأجنبية في مواقع عملها كافة. الاتحاد العام لعمّال البحرين عليه التصدّي لمهمة توحيد الصفوف العمّالية بالربط الحكيم بين مختلف هذه الفئات . الموقف الراهن تجاه العمالة الأجنبية يعكس إلى حد ما، ذهنية التردد المستمرة لقيادة الاتحاد في التبني الفعّال والصلب لمطالب العمّال كما يعكس الفجوة التي يعانيها الاتحاد من ضعف صلاته مع القواعد العمالية الأجنبية. ويمكن تفسير ذلك إلى حد ما، بأسباب موضوعية تتجسّد في نسب البحرنة المتدنية للشركات التي أضرب عمّالها الأجانب. إنّ تكرار تصريحات لقادة الاتحاد بأن الإضرابات الأخيرة “ مخطط لها سلفا وتعمل ضمن خطة محددة “ تعكس هاجساً سياسيا ذا علاقة بالهوية القومية أكثر من الهوية العمّالية . وهذا أمر يحدث عادة عندما تضعف الصلات العمّالية بين المواطنين والأجانب لتعلو عليها روابط محكومة بطبيعة الثقافة السائدة في المجتمع سواء أكانت ذات جذور قومية أم دينية أم غيرها. ما نشهده الآنَ يعكس نتائج هشاشة الارتباط في المصالح النقابية بين العمّال الأجانب والمواطنين ودعم الخطاب الرسمي على صورة تصوير العمالة الأجنبية بالخطر المنظم سلفا سيزيد من ابتعاد الاتحاد عن العمالة الأجنبية. استغلال موضوع العمالة الأجنبية في معارضة التعددية النقابية التي تدعمها مواثيق منظمة العمل الدولية هو استغلال سياسي غير حكيم للغاية.ماذا سيحدث إذا تشكلت نقابات عمالية فعالة للعمّال البحرينيين خارج نطاق الاتحاد العام لعمّال البحرين ؟! هل سنتهمهم بالعمالة للخارج ؟! هناك خلاف عمالي محتدم الآنَ بين نقابة ألبا والاتحاد العام على سبيل المثال, فلماذا نخلط الأوراق بتشويه المواقف بإقحام الإضرابات العمّالية الأجنبية في هذا الموضوع ؟ مَنْ سيستفيد في النهاية ؟
صحيفة الوسط
29 مارس 2008