مما لا يخطئه المراقب ذو البصيرة، بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي واقعاً، والعربي الإسرائيلي شكلاً… هذا المراقب لا يخطئ التقدير السليم أن مبادرة السلام العربية مع “إسرائيل”، لم تأتِ من عزة نفس، أو كرامة وإباء، ولا من منطلق قوة ترهب الحكومات العربية بها “إسرائيل”، ولكنها جاءت نتيجة انهيارات عربية رسمية مخزية فاضحة، ليست أخزى ولا أفضح منها: “إننا لن نحارب (إسرائيل) من أجل لبنان”، وقد يكون الحياء قد غلب فحال دون تكملة العبارة “إننا سنحارب لبنان من أجل (إسرائيل)”! على أن ظاهرة هذه الانهيارات التي رزئت بها الأنظمة العربية هي النتيجة الحتمية للإرهاق الذي سلطته أميركا على هذه الأنظمة، باستخدامها حق النقض ضد أي قرار يدين ممارسات “إسرائيل”، حتى صارت “إسرائيل” دولة مطلقة، أقرب ما تتصف به، صفات العصابات الدولية، والمافيا، الذين يمارسون سلوكياتهم وتصرفاتهم خارج إطار القوانين الدولية، ولكن هذه التجمعات البشرية لا يمكن أن يطلق عليهم اسم دول لها حقوق الدول التي تضمنها الهيئات والقرارات الدولية، وتفرض عليهم القرارات التي يجب عليهم الالتزام بها وتنفيذها. ولما أن “إسرائيل” في ظل الحكومات الأميركية اليمينية المتطرفة وآخرها حكومة بوش الابن دمية اليمين الحاكم في أميركا قد أعفوا “إسرائيل” من الالتزام بالقرارات الدولية، ما يجردها من صفة الدولة، كما نرى هذا الأمر واضحاً وضوحاً مطلقاً فيما يأتي: “في أثناء حرب 1967، فرضت “إسرائيل” (بعون أميركي) سيطرتها العسكرية إضافة إلى مرتفعات الجولان (التي استقرت فيها بهدوء تام منذ احتلالها وحتى يومنا والغد غير المنظور) على صحراء سيناء وعلى المناطق الواقعة غربي نهر الأردن – الضفة الغربية – وعلى قطاع غزة – (الذي تعربد فيه “إسرائيل” وتسفك على أرضه دماء المناضلين الفلسطينيين تحت حماية صديقة حكام العالم العربي (أميركا) في ظل حكم اليمني المسيحي عدو الإنسانية. وكذلك على شرق القدس العربية، استناداً إلى القانون الدولي فإن احتلال ومصادرة الأرض عسكرياً هو عمل غير شرعي. غير أن اليمين الديني يقول إن القانون الدولي يطبق على كل أمم العالم باستثناء “إسرائيل”. ويدعو جيري فولويل زعماء “إسرائيل” إلى عدم الخضوع للقانون الدولي”. (راجع كتاب يد الله ص 86 و87). إن المدقق فيما احتواه المقتبس أعلاه يستطيع أن يستخرج منه الكثير من الدلائل والمؤشرات التي تنزع عن «إسرائيل» كونها دولة سوية وأنها نشأت نشوءاً طبيعياً وترعرعت في مسيرة التاريخ وما ينبلج عنه من طور الفكر الإنساني في ظل اندماجات مجتمعية وبناء الحضارات الإنسانية… فـ «إسرائيل» بتأثير اليمين الديني واستثنائها من تطبيق القانون الدولي عليها وعدم خضوعها لهذا القانون الدولي تصبح دولة نكرة، لأن الذي لا يخضع للقانون هم فئات عصابات المافيا وتجار المخدرات واللصوص ومختلف المجرمين الذين يلاحقهم القانون والبوليس الدولي (الإنتربول). ولعل ما يثير السخط والاشمئزاز والنفور من «إسرائيل» كدولة هي تلك المواقف المتناقضة لليمين المسيحي الأميركي المتطرف، بمعنى تركن إليه النفوس، وتصدقه، مثلما جاء حول من هو «عدو المسيح» في الفصل الرابع، منه، أنه: في مؤتمر للقساوسة عقد في 15 يناير/ كانون الثاني 1999 في كينغزبورت – تنيسي… قال فولويل: إن عدو المسيح – الذي صور لنا قبل ألفي عام على أنه متوج الشر – يمكن أن يكون يهودياً يعيش بيننا اليوم، (من عجب أن عدو المسيح الذي صور قبل ألفي عام على أنه متوج بالشر…. يكون يهودياً يعيش بيننا اليوم). إن أهم ما يمكن استخلاصه من أمر غاية في الأهمية ومغرق في الخطورة، كون أن عدو المسيح يهودي يعيش بيننا اليوم منذ ألفي عام، ليست إلا حالة من حالات الظواهر الاجتماعية التي تخضع لقانون التوارث المستمر بفعل الانتقال من أب إلى ابن، ومن ابن إلى حفيد، وهي حالة لا يمكن أن تشهدها المجتمعات البشرية واضحة ومسطرة إلا في دساتير الحكومات المتوارثة، ونحن لا نستبعد أن تكون الحالة الاستيراثية هي التي هيأت لليهودي عدو المسيح الاستمرار في الديمومة منذ ألفي عام وحتى اليوم. على أن التدقيق البحثي، والاستخلاصات الأقرب إلى الواقع من مجمل ما سلف، إضافة لما هو آتٍ، ليست إلا خزعبلات وصورة من طنطنات بعوضٍ شوقها وساندها الظلام؟!… والمستنقعات النتنة المؤذية للنفس، والضمير. هذه حالة من الحالات التي يعيشها اليمين المسيحي الظلامي الرجعي، ويتعامل على أساسها بعقلية ظلامية مع اليهود الذين أسماهم جهلاً وحماقة بشعب «إسرائيل». ومع استمرارنا في البحث وتقصي أحداث التاريخ، فإن النتيجة لن تعود على الشعوب العربية إلا بالخبل والنكد بسبب كراسي أميركا الدائمين على رأس أهم الأنظمة العربية القادرة على التأثير إيجابياً على مجمل الأحداث التي تثيرها عصابات المافيا اليهودية على الساحة العربية. ونحن نقول عصابات المافيا اليهودية، لأن ما لقي «إسرائيل» من اليمين المسيحي الثرثار، صانع «إسرائيل» وحاميها وممدها بالحياة والاستمرارية حتى الآن، وحده الذي نزع عنها صفة الدولة، كما سلف تأكيد ذلك، من خلال إبعادها عن أن «يطبق عليها القانون الدولي». وإمعاناً من اليمين المسيحي في تجريد «إسرائيل» من صفة الدولة، فقد حرضها على عدم الخضوع للقانون الدولي، لكي يحشرها في الإطار الذي خلقها من أجله، وقد أوضحنا هذه الحقيقة في ما سلف في سياق هذا المقال. ويمكن لـ «إسرائيل» أن تظل خفاشاً منبوذاً في أوساط الطيور والحيوانات, لولا السقطة الساداتية التي لم تقتصر على فصم العمود الفقري في التكاتف والتوحد العربي ضد عصابات اليهود وتجميعهم كنقطة ارتكاز قوية في فلسطين، وطن العرب الفلسطينيين المسلمين، بل هزت مواقف الكثير من دول العالم المؤيدة للقضية الفلسطينية، فراحوا يعترفون بـ «إسرائيل» كدولة، بعدما كانوا ينظرون إليها كعصابات مافيا ومجرمين، (الله يجازي اللي كان السبب)، الذي عيّنه نائب رئيس، فيما الحقيقة أنه لاجئ سياسي في السفارة السينمائية… ولنا لقاء.
صحيفة الوسط
21 مارس 2008