هذا المؤتمر المزمع عقده قريباً تحرص لجنته التنسيقية على مشاركة جميع الجمعيات السياسية والأهلية والمهنية فيه، وتتطلع جادة إلى حضور ومشاركة الجانب الحكومي حتى تكتمل حلقات المؤتمر. في تقديرنا، إن المؤتمر يأتي في ظروف تجاذبات طائفية بالغة الخطورة، وبالغة الأسف، من حيث انعكاساتها وتداعياتها في المشهد العام.. وإذا ما تركت الأمور وحالة التجاذب الطائفي البغيض والمخيف هكذا لتتصاعد على نحو تفتيتي وتمزيقي رهيب، فإننا سنواجه كارثة حقيقية وكبيرة لا يعلم مداها إلا الله. فالله الله في وطنكم وفي وحدتكم الوطنية وفي نسيجكم الاجتماعي يا من تشعلون نار الفتنة الطائفية، ويا من تغذونها مستغلين الأجواء والمناخات، ومستثمرين استسلام البعض لهذا الطوفان الطائفي، واللعب على أوتاره، والرقص على دماره لمصالح مؤقتة وآنية ستكون نتائجها وبالاً على وطنكم وبلادكم وشعبكم ما لم تنتبهوا، وما لم تعودوا وتكفوا عن الوسيلة الأخطر التي تستغلونها للوصول إلى مكاسبكم الفئوية والذاتية الضيقة. بصراحة، البحرين بتكوينها الاجتماعي والديمغرافي لا تتحمل اللعب بنار الفتنة الطائفية بهذا الأسلوب، وبهذه الطريقة التي لم نشهد في بشاعتها مثيلاً من حيث لغتها ومن حيث خطابها ومن حيث كلماتها، رغم أن كل القضايا والمشاكل والأزمات العالقة كانت موجودة وكانت بمستوى أعظم، إلا أن القوى الوطنية والمثقفين والمفكرين والكتاب والسياسيين – يومها – لم يلعبوا بنار الفتنة الطائفية، بل تصدوا لها بحسم وبقوة وبمبدأ ثابت وواضح هو أن الانزلاق إليها بداية النهاية.. فكيف تسمحون اليوم لأنفسكم بإثارتها بهذا الشكل الخطير والمخيف، ومن دون إحساس حقيقي بالأمانة وبالواجب الوطني. من هذا المنطلق، ننظر إلى المؤتمر الوطني المقبل في توقيت مهم، باعتباره الفرصة الوطنية الحقيقية لطرح القضية الأخطر »الظاهرة الطائفية« وتداولها بكل صراحة وتجرد، لا للبحث عن مبررات لها، ولا للبحث عن شماعة نعلق عليها كنوع من التبرير والتسويغ والتمرير.. ولكن لمواجهتها بكل حسم ومن دون أن نعطي للمبررات المعروفة أي فرصة تتنفس وتنفث الطائفية من خلالها سمومها بيننا.. ولندرك جميعاً أن الطائفية البغيضة المتجلية في كل شيء والمحاصرة لكل شيء ليست بأسباب مباشرة من الأزمات والقضايا والملفات العالقة والشائكة التي حولها البعض هنا والبعض هناك إلى أوراق طائفية، في لعبة الطأفنة الخطيرة، وبدلاً من أن تكون هذه الأزمات والقضايا والمشاكل العالقة الشاخصة عاملاً من عوامل تعزيز الوحدة الوطنية على أرضية الهموم المشتركة، كما كانت في المراحل الوطنية السابقة، نرى البعض هنا والبعض هناك ممن يتصدرون قيادة المشهد العام وقد حولوها واستغلوها في خطابات طائفية بغيضة فعلت فعلها الخطير في الوجدان العام، وفرزت المشهد على أساس طائفي ومذهبي مغرق ومستغرق في عصبيته.. فمتى كنا وكانت البحرين هكذا؟! نفهم تماماً وتفهمون معنا أن الطارئين على السياسة والطارئين على المشهد قد لعبوا لعبتهم الطائفية التي أتاحتها لهم ظروف ومناخات، ولكننا اليوم جميعاً متفقون تماماً على أن الطأفنة اخترقت واقعنا العام على خلفية ما قادنا اليه الطارئون، ووضعتنا أمام طريق مخيف مجهول، وقد آن الأوان حقيقة وواقعاً لأن يتحمل كل فرد وليس كل جماعة وجمعية فقط مسؤوليته الوطنية وأمانته، فيعلنها حرباً لا هوادة فيها ولا تراجع عنها ضد الطائفية وضد الطأفنة البغيضة.. نحتاج الى ثقافة الوحدة الوطنية، وحدة المسير والمصير القادرة على أن تجعل من الأزمات ومن المشاكل رافعة ودافعة للوحدة الوطنية، لا أن تكون كما هو حاصل سكيناً طائفية تتمزق على أنصالها المذهبية والعصبوية المطأفنة وحدتنا الوطنية.. استذكروا تاريخكم الوطني في المؤتمر الوطني المقبل، وتصدوا بحسم لكل ما هو طائفي بغيض قبل فوات الفوت.. فطوفان الطائفية لن يرحم أحداً
الأيام 20 مارس 2008