بعد مرور اكثر من سبع سنوات على الانتخابات البرلمانية كم تمنينا ولو لمرة واحدة أن يسأل النواب انفسهم هل هم راضون ومقتنعون بادائهم البرلماني؟ لماذا الفجوة بينهم وبين الناخبين تزداد اتساعاً؟! ما الذي تحقق من انجازات؟؟ وما الذي لم يتحقق؟ ولماذا؟ اسئلة تتطلب من النواب وقفة صريحة مع انفسهم لان ما يجري اليوم في البرلمان من حوارات ساخنة واحتجاجات وانسحابات لا ندري ماذا كانت هذه “اللوية” لها علاقة بحقوق الناس ومطالبهم أم لا!! ولا ندري ايضاً الى اي مدى ترفع في اتجاه تعزيز مكانة البحرين الاقتصادية والمالية والاستثمارية والسياحية والثقافية؟ واما اذا كان الامر غير ذلك لماذا كل هذه “الدوخة” أليس من حق الناخب ان يحاسبكم على هذا الاداء الذي خيب آماله؟ لقد سمعنا كثيراً عن مكافحة الفساد وعن العدالة الاجتماعية وعن شعارات أخرى تذكرنا بالمدينة الفاضلة” لأفلاطون ولكن يبدو ان البرلمان هو الحل لم يعد طريقاً لتحقيق هذه الشعارات، والخلل هنا ليس في البرلمان والمشاركة السياسية وانما في الاداء الذي حوّل هذه المؤسسة التشريعية التي تحققت نتيجة تضحيات جسام الى مكان للمهاترات والمزايدات السياسية وللكسب والوجاهة!! والسخرية التي ما بعدها سخرية ان نواب الوعظ والارشاد الطارئين على السياسة تجدهم اليوم في صدارة المجالس الخاصة يتحدثون عن دورهم في تاريخ البحرين السياسي في حين الكل يعلم لا دور لهم لانهم في الاصل خارج هذا التاريخ وبالتالي كفانا مزايدات سياسية. نحن لا نقول ان البرلمان هو العصا السحرية التي سوف تحقق بين ليلة واخرى مطالب الناس وطموحاتهم التي كثيراً ما حلموا بها طالما اننا نؤمن بالتدرج ومع ذلك نقول ان الرقابة كأداة دستورية ضاعت بين اروقة المصالح الحزبية وبالتالي لماذا نندهش عندما تصبح ملفات الفقر والسكن والفساد وغيرها في حكم التأجيل؟ لماذا نستغرب عندما يتحول “بيت الشعب” مسرحاً لنواب الشعب والناخبين هم الجمهور الذين لا عزاء لهم الا الضحك والبكاء معاً ولا سيما بعد ان تفرجوا وشاهدوا مسرحية بطلها من دون منازع ذلك النائب الذي اتقن واجاد لغة السباب والشتائم والعبارات السوقية التي لا تليق بممثل الشعب ولا بالقيم والاخلاق؟! لماذا نستغرب حينما نجد من النواب الحاليين او الذين لم يحالفهم الحظ بعد ان فقدوا الكرسي الوثير من اصحاب الملايين لانهم ببساطة عرفوا اللعبة وادركوها جيداً! لماذا نندهش لانشغال النواب بالصراعات والاصطفافات الطائفية؟؟ حقيقة لم يشهد الرأي العام البحريني جدلاً خلال السنوات الاخيرة مثلما حدث حول الطائفية ومع اننا لا نختزل اسباب هذه الظاهرة في سبب واحد بل بها روحية وتاريخية واجتماعية وثقافية لها علاقة بالموروثات تحتم علينا ان نفرق بين الطائفية والانتماء الطائفي وان الفهم الخاطىء للعلاقة بينهما يقودنا الى مخاطر لا تحمد عقباها ولكن على ما يبدو ان المماحكات والانفعالات والاحتجاجات التي نجدها اليوم في البرلمان جراء الاستجواب سواء كان لعطية الله او بن رجب لا تخلو من الدوافع الطائفية والمذهبية ولا تخلو ايضاً من المصالح التي لا ندري لماذا يود التستر عليها من قبل اولئك الذين في اشد الحماس لاستجواب بن رجب وزير البلديات!! ولنرجع الى تساؤلاتنا التي طرحناها في البدء ونقول ان الشجاعة والوفاء للناخبين ليس في تجنبهم والهروب منهم، كما يفعل اغلب نواب الاسلام السياسي بل في التفاعل مع قضاياهم الاقتصادية والاجتماعية والمادية والتفاعل ايضاً مع قضايا الوطن واستقراره وتنميته، ومن هنا نقول ونكرر كم تمنينا ان يراجع النواب انفسهم ولو لمرة واحدة لان دورهم النيابي هو ابعد ما يكون عن الاصطفافات والاستقطابات الطائفية وعن المصالح العقائدية فهل نفعل ذلك؟؟
صحيفة الايام
15 مارس 2008