هل ستنتهي موجة إضرابات العمالة الهندية بعد تصريح الحكومة الهندية بتأجيل توجهها لفرض حد أدنى لأجور عمالتها في الدول الخليجية, أم العكس فما حدث لم يكن إلاّ البداية لسلسة من الإضرابات المنظمة والتي ستنتشر في معظم شركات المقاولات في المستقبل القريب. لقد بدأت موجة إضرابات العمالة الهندية وخصوصاً في قطاع الإنشاءات نهاية شهر فبراير/ شباط الماضي مع اقتراب تنفيذ توجه الحكومة الهندية لفرض حد أدنى لأجور عمالتها في الخارج بحد أدنى 100 دينار شهرياً مع بداية شهر مارس/ آذار 2008, فما كاد أنْ ينهي ما يقارب من 2000 عامل في شركة زخريادس إضرابهم ويعودون للعمل بعد تسعة أيام من الإضراب وبعد تحقيقهم لعدد من المكاسب حتى امتدّت الإضرابات لعدد من الشركات الأخرى فقام 400 عامل في شركتي الإنشاءات الفنية و لقمان الحداد الإنشائية بإضراب مماثل كما أضرب العمّال الهنود في شركة رابية للتجارة وهدد عمال شركة حبيب عواجي وعدد من الشركات الأخرى بإضرابات بهدف زيادة أجورهم لتتوافق مع الحد الأدنى للأجور الذي طرحته الحكومة الهندية. ولترجع موجة الإضرابات مرة أخرى الأسبوع الماضي في شركتي أولمبيك و الخالدية حيث نفذ أكثر من 700 عامل إضراباً مفتوحاً لحين زيادة رواتبهم بمبلغ 20 ديناراً. وفي حين اتهم السفير الهندي بالكرشنا شتي بتحريض مواطنيه على الإضراب وهو الأمر الذي نفاه السفير وأكّد أنّ تصريحاته فهمت بشكل خاطئ أرجع بعض المختصين قيام الإضرابات إلى تدني القيمة الحقيقية لأجور العمالة الهندية نتيجة تراجع سعر الدولار مقابل الروبية الهندية ومحاولة هذه العمالة الضغط في سبيل تحسين مستواها المعيشي وزيادة أجورها. المختصون يتوقعون انتشار ظاهرة الإضرابات بصورة أكبر خلال الأيام المقبلة لتمتد إلى أغلب الشركات الكبيرة بسبب نشوء وعي لدى العمالة الهندية إذ بدأت هذه العمالة بتنظيم نفسها في البحرين ولا يستبعدون مشاركة جنسيات أخرى في هذه الإضرابات وخصوصاً أنّ عدداً من الإضرابات قد حققت بعض المكاسب للعمّال المضربين سواء من الناحية المادية كزيادة في الأجور أو من الناحية المعيشية كتحسين مستوى السكن وإنشاء ملاعب للكركيت وتوفير رعاية صحية بشكل أفضل. شركات المقاولات تعرف تماماً أنّها لا يمكن لها الاستغناء عن هذه العمالة وخصوصاً العمالة الهندية التي يصل عددها في البحرين لما يقارب الـ 250 ألف عامل؛ أي ما يوازي ربع سكّان البحرين, وإنّ تهديدها باستبدال هذه العمالة بجنسيات أخرى لم يكن إلا للضغط على الحكومة الهندية للتراجع عن قرارها, ولذلك ستجد هذه الشركات نفسها مُجبرة على الرضوخ لمطالب العمّال التي ستتطور شيئاً فشيئاً لتتجاوز المطالبة برفع الرواتب إلى المطالبة بتنفيذ الاتفاقيات الدولية بشأن العمالة الوافدة, وإن ذلك لن يكون إلاّ مسألة وقت فقط.
صحيفة الوسط
8 مارس 2008