تحت شعار ( نحو توطيد وحدة المنبر التقدمي وتعزيز دوره في مهمة البناء الديمقراطي ) انعقد في التاسع والعشرون من فبراير 2008 المؤتمران الاستثنائي والعادي الرابع للمنبر التقدمي ( مؤتمر أحمد الذوادي ) ، وقد ناقش وأقر أعضاء المؤتمر بروح رفاقية عالية ما جاء في مقترح التعديلات علي النظام الداخلي وكذلك فبما ورد في التقريرين السياسي والمالي المقدمين من اللجنة المركزية للمؤتمر مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات والتعديلات التي أبداها الرفاق على هذين التقريرين وعلى تعديلات نظام الأساسي ، وقد جاء ذلك بعد أن قدمت كل الهيئات القيادية والقاعدية تقاريرها إلى اللجنة المركزية فضلا عن تقديمها أوراق الرؤى الفكرية والسياسية والتنظيمية التي ناقشها أعضاء المنبر واللجنة المركزية مناقشات مستفيضة سادتها روح ديمقراطية . غير أنه على الرغم من نجاح المؤتمر وعلى الرغم من أهمية القرارات التي اتخذها فإن ضرورة الإجابة على الأسئلة الهامة تظل قائمة وهي : كيف نقيم وثائق المؤتمر وكيف نفعل قراراته ؟ كيف نقيم مسيرة المنبر النضالية كيف نقرأ قراءته للأحداث ؟؟ هل احتاج المنبر لدعوة الدكتور عبد الهادي خلف التي أشار إليها في مقاله المنشور في صحيفة الوقت العدد 722 في 12 فبراير 2008 بأن على (المهتمين من أعضاء المنبر التصدي لمهمة تشخيص مواطن الخلل في مسيرة المنبر تمهيدا لطرح الحلول والمعالجات) ؟ بلا شك أن المتابع الحصيف المنصف المتجرد من نوازعه الشخصية، المتواجد في المعترك السياسي كل يوم على أرض الوطن من أعضاء المنبر الحاضرين في المؤتمر أو الغائبين عنه هم القادرون قبل غيرهم على تقييم التجربة تقييما يأخذ في الاعتبار أن قضايانا الداخلية سواء ما تعلق منها بجبهة التحرير أو تعلق بامتدادها في المنبر التقدمي يجب طرحها في إطارها الداخلي برغبة حل الصعوبات التي لا يخلو منها أي عمل حزبي في البحرين وفي غيرها، بغية تجاوزها وتذليلها، وليس عن طريق النشر الاستعراضي عبر الصحف المحلية كما يفعل الدكتور، فهذه الوسيلة التي يستخدمها لا تهدف على الإطلاق لتعزيز الوحدة الداخلية للمنبر ولا تؤدى إلي تحقيق ما يدعو إليه، وإنما تتعمد الإساءة إلى تاريخنا وتشويهه، ونذكر الدكتور إن ما يكتبه عن المنبر لا ينال سوى الاستياء والاستهجان من الغالبية الساحقة من أعضاء المنبر ومناضلي جبهة التحرير. وأنا مقتنعٌ ومتفق مثل غيري مع الدكتور عبد الهادي (بأن من كانوا يرددون في نشيدهم أنهم مصممون على السير في درب النضال من أجل حرية الناس وسعادتهم رغم معرفتهم بصعوبة الطريق وطوله قادرون على امتلاك الجرأة على الاعتراف). لكنه اعتراف على ماذا؟ نختلف مع الدكتور بأن هذا الاعتراف لم يكن ولن يكون كما يتصور حول وجود مأزق حقيقي للمنبر ناتج عن قراءة مرتبكة لواقع البحرين السياسي ، بل إن المنبريين أكدوا في مؤتمراتهم السابقة وفي مؤتمرهم الرابع بأنهم في قراءة واقعية وصحيحة لهذا الواقع، من خلال مناقشة وإقرار وثائقه بما فيها الرؤى الفكرية والسياسية والتنظيمية، وهذا يعني إن كان هناك ثمة من مأزق يعاني منه المنبر، فإنه لا يتمثل في هذه القراءة التي أثبتت الأحداث صحتها، بل يمتثل في ابتعاد الكثير من الرفاق اللذين ناضلوا في صفوف جبهة التحرير ومنهم الدكتور من أجل الاستقلال والحرية والعدالة الاجتماعية من أن يكونوا أعضاء في المنبر الذي يتسع لرأيهم ويحتاج لما كسبوه في مجرى النضال من خبرة وجسارة وهم يرددون (طريقنا أنت تدري )، ومرد هذا العزوف أسباب متعددة لعل أهمها الضربات المتلاحقة التي تعرضت لها الجبهة وعلى وجه خاص ضربة 1986. أن مأزق المنبر لا يتمثل في موقفه من الأحداث التي تلت إقرار ميثاق العمل الوطني بل في ضعف وقلة الكادر رغم العمر المديد للجبهة الذي تخرج منها رفاق تعلموا مختلف المهام، وأن خروج المنبر من هذا المأزق لا يتطلب التحريض ولا الدعوة لأعضاء المؤتمر بفصل أو استبعاد أو التصدي (للمستشارين كما تحب أن تسميهم) والذين حصلوا على وظيفة حكومية، هي حق لهم كمواطنين لديهم عائلات والتزامات معيشية عليهم أن يوفوا بها كبقية خلق الله، وهؤلاء أثبتوا بجسارة إنهم رغم المنصب الحكومي مازالوا في المعترك السياسي اليومي يناضلون من أجل العدالة الاجتماعية، لم يغرهم رنين ذهب المُعِزّ كما يحب أن يردد، ولم يتنصلوا عن مبادئهم وتاريخهم المشرف الذي يعتزون به. كما لا يتطلب الخروج من هذا المأزق الكتابة الاستعراضية في الصحف، بل يتطلب تقييما للأسباب التي منعت رفاقنا اللذين انسحبوا من العمل السياسي لأسباب ذاتية وتنظيمية وأمنية ، ويتطلب رص الصفوف وتعزيز الوحدة الداخلية للمنبر وتفعيل رؤيته وبرنامجه السياسي وتنشيط هيئاته القيادية والقاعدية، وتقييم عمل المنبر بإيجابياته وسلبياته تقييما موضوعيا منصفا يبتعد عن المقاصد الشخصية أو التحريض . وفي هذا الإطار ينبغي التأكيد للدكتور بأن وقائع المؤتمر الرابع أثبتت إنه ليس من بين أعضاء المنبر من تنصل لنهج السنبلة الأولى على مدان ، فكلنا سائرون على نهجه ولم نكن بحاجة إلى الدعوة كي نستعيد دورنا الذي لم يكنمُفتقدا ونحن ننفذ مهماتنا اليومية التي رسمها برنامجنا السياسي ونظامنا الداخلي . ولو كان عليا – حاضرا بيننا وهو حاضر بفكره وتاريخه النضالي – لكان هو أول من صدق وصادق على قراءة المنبر للواقع السياسي في البحرين. فهل كانت هذه القراءة مرتكبة وهل أضحى “التحالف” مع السلطة أهم بكثير من تنظيم العمل المشترك مع الشركاء في مظلة التيار الوطني الديمقراطي وأهم بكثير من تمتين التضامن مع القوى الوطنية الأخرى. بل وأهم من المحافظة على التماسك في صفوف المنبر نفسه كما كان يتصور الدكتور؟ هذه الأسئلة سنجيب عليها في مقال آخر بعنوان ( المنبر قراءة واقعية صحيحة للواقع ، وعمل مشترك فاعل ) سيتم نشره على الموقع لاحقا.
خاص بالتقدمي