عقد المنبر التقدمي نهار الجمعة الفائت مؤتمرين، أحدهما استثنائي والثاني مؤتمر عادي، ناقش الأول بعض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة المركزية على النظام الأساسي للمنبر على ضوء ما كشفت عنه التجربة التنظيمية السابقة، من أجل تجويد أداء المنبر وتعزيز الممارسة الديمقراطية ومبادئ الالتزام الحزبي في صفوفه وهيئاته القيادية والقاعدية، وأقر عددا من هذه التعديلات بينها تقليص مدة الدورة الانتخابية لهيئاته القيادية من ٤ سنوات إلى ٣، وتخفيض قوام اللجنة المركزية إلى ٥٢ عضواً. أما المؤتمر العام الرابع فقد ناقش وأقر تقارير اللجنة المركزية ومكتبها السياسي، كما اقر الوثائق التي جرت مناقشتها باستفاضة في الورش التي نظمت لأعضاء المنبر، وشملت المحاور الفكرية والسياسية والتنظيمية وآليات العمل الجماهيري، حيث أدخلت تعديلات مهمة على المسودات الأولى لهذه الوثائق في ضوء ما قدم من أفكار من قبل أعضاء المنبر وكوادره، وكذلك من قبل بعض الشخصيات الوطنية من أصدقاء المنبر، التي ستشكل مرجعاً ومرشدَ عمل لنا في الفترة القادمة. وقد حرص “التقدميون” على إطلاق اسم قائدهم الوطني الكبير، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني البحرانية وأول رئيس للمنبر المناضل أحمد الذوادي الذي رحل عنهم، بعد انعقاد مؤتمر المنبر السابق العام، ليؤكدوا بذلك انه باق معهم بقوة المثال الذي تجسد في سيرته الكفاحية، وبالنهج السياسي الذي اختطه في الظروف المختلفة، بما في ذلك في الفترة التي تلت الانفراج السياسي والأمني الذي شهدته البحرين بعد تولي جلالة الملك لمقاليد الحكم. وينبع الحرص على إطلاق اسم المناضل الذوادي على هذا المؤتمر، ليس فقط تخليداً لذكراه وتأكيداً لمكانته، وإنما أيضا صوناً للفكرة التي حرص عليها الراحل الكبير بأن يظل “التقدمي” موحداً وفعالاً، ففي ذلك وفاء لتضحيات أجيال كاملة من المناضلين الذي يعبر هذا التنظيم عن تيارهم الراسخ بجذوره في تربة هذا الوطن وفي وجدان شعبه. إن التاريخ المجيد لهذا التيار صنعته تضحيات المئات من النساء والرجال الذين ناضلوا في صمت ونكران ذات، وهؤلاء الرجال والنساء المعتزون بدورهم وتاريخهم وتضحياتهم، يحفظون في صدورهم وقلوبهم معلومات ثمينة عن أدوارهم الكفاحية يفضلون أن تبقى أسرارا تعبيراً عن تواضعهم وتفانيهم. حللت الوثائق التي أقرها مؤتمر “التقدمي” التعقيدات والصعوبات الكثيرة المحيطة بالعملية السياسية في البلاد، خاصة أمام اشتداد مخاطر التفتيت المذهبي والطائفي والعرقي التي استفحلت في الآونة الأخيرة، والتي باتت تشكل تهديداً خطراً للوحدة الوطنية لمجتمعنا، والتي شكل التمسك بها حجر الزاوية في مجمل نهج هذه الحركة. وهذا يضع على عاتق التيار الديمقراطي مهمة التمسك بشعار الوحدة الوطنية، وأن يرفع رايتها في كل موقع، ردا على دعاوى الفرقة والتسعير الطائفي والعرقي التي تقف وراءها قوى لا تريد خيراً لهذا الوطن ولا لمستقبله، وتسعى لإفراغ العملية الإصلاحية من محتواها، وإغراق الوطن في صغائر الأمور بدل أن نتوجه جميعا نحو قضايانا الكبرى في البناء الديمقراطي والتنمية المستدامة المتوازنة، وفي تكريس المواطنة المتكافئة في الحقوق والواجبات.
صحيفة الايام
3 مارس 2008