صحيح أن الإضرابات العمالية هي من الحقوق الشرعية التي نص عليها قانون النقابات وسؤالنا هنا: إلى أي مدى تتمتع العمالة الوافدة بهذا الحق؟؟ وفي هذا الشأن قال أصحاب الاختصاص: أن العمالة الوافدة إذا ما انضمت إلى النقابات في مواقع عملها يجوز لها أن تمارس هذا الحق من خلال النقابات ما عدا ذلك فلا يجوز لها قانونياً. وعلى هذا الأساس نفهم: أن هذه العمالة إن لم تكن هناك نقابات تمثلهم في القطاعات الإنتاجية فعليها أن “تنچعم” وتقبل باستبداد شروط العمل المجحفة وخاصة الأجور منها!! ومناسبة هذا الحديث هو: ان وزارة العمل ترى بعدم قانونية الإضراب الذي نفذته مؤخراً العمالة الآسيوية في قطاعي المقاولات الإنشائية والخدمات وتعتقد ان السبب الرئيس للمطالبة بزيادة أجورهم ترجع إلى تصريحات السفير الهندي الذي أكد على توجه بلاده لرفع أجور عمالتها في الخارج. ونستخلص من ذلك إن وزارة العمل أدانت هذا التحرك العمالي اعتقاداً منها إن أسبابه تحريضية، الأمر الذي شجّع أصحاب العمل إلى تجاهل مطالبهم بل وشجعهم على استبدال العمالة الهندية بعمالة أخرى آسيوية. وفي هذه الوضعية ماذا تفعل هذه العمالة للحصول على مطالبها وخاصة إن القانون لا يجيز لها الإضراب؟ حقاً انه لأمر محيِّر وخصوصا إن بعض أصحاب العمل لا يعرفون إلا لغة التهديد!! ومع إننا لا تؤيد أن يتدخل السفير أو أية جهة خارجية كانت في شؤوننا الداخلية ولكن أليس من حقه أن يدافع عن مصالح رعايا دولته؟؟ ما هو وجه الخطأ عندما يصرح بان بلاده تسعى لرفع أجور عمالتها في الخارج؟؟ احد النواب له تصريحات حول هذه القضية ولكن نعتقد ان هذه التصريحات متناقضة فهو من ناحية يؤكد على احترام حقوق العمالة الآسيوية الوافدة طبقاً لما تقرره القوانين العمالية الدولية وخاصة فيما يتعلق بالسلامة المهنية وتوفير السكن اللائق والمعيشة المقبولة إنسانيا، ومن ناحية أخرى لا يتطرق بتاتاً إلى الأجور المنخفضة التي تتقاضاها هذه العمالة التي في أحسن أحوالها لا تتجاوز (80) دينارا!! وهل تلك القوانين الدولية لا تقرر زيادة الأجور المتدنية؟! ومن تصريحاته أيضا قال: ما يحدث الآن من إضرابات تؤثر بشكل كبير على شركات المقاولات البحرينية التي يهمنا أن نمنع الضرر عنها فالتجار هم بحرينيون ومن واجبنا دعمهم وحمايتهم وتعزيز دورهم المهم في نهضة وتنمية البلاد.. وقال أيضا: إن ما يحدث الآن يؤثر على عدة أمور، منها تضرر جذب الاستثمار والتأثير سلبيا على مشاريع التنمية الشاملة التي تشهدها المملكة حالياً. ومع إننا نشاطر النائب الرأي من أن الاستقرار يعد مناخاً جاذباً للاستثمارات بخلاف العنف والتخريب والفتاوى الدينية المتزمتة والمتطرفة التي لا تخدم لا الحركة الاقتصادية والاستثمارية ولا السياحية ونشاطره الرأي أيضا من أن القطاع الخاص ينبغي أن يدعم حتى يأخذ دوره على مستوى التنمية. وسؤالنا هنا هل واجبنا أن ندعم ونحمي التاجر لأنه بحريني فقط حتى لو دأب على انتقاص حقوق العمالة الوطنية والوافدة؟؟ أليس هذا النوع من التجار وبسبب الإثراء استغلوا هذه العمالة استغلالاً وحشياً على نمط تجارة الرقيق وهم من ساهموا في تردي سوق العمل؟؟ وباختصار.. نحن مع الحد من العمالة الوافدة دعماً للبحرنة وإجراءات سوق العمل الإصلاحية، ونحن أيضا مع الوقوف بشدة تجاه من يعيق ويضر الاستقرار الداخلي المحفز للاستثمارات ولكننا في الوقت نفسه مع الحقوق العمالية سواء كانت للعمالة الوطنية أو الوافدة لان سلبها حتماً سيؤدي إلى الإضرابات العمالية .. فهل نتصدى للمتلاعبين بالحقوق العمالية؟؟ هذا هو المهم.. والمهم أيضا أن لا ننحاز لطرف ما على حساب هذه الحقوق التي كفلتها تشريعاتنا العمالية والقوانين الدولية أيضا.
صحيفة الأيام
1 مارس 2008