المنشور

شـكــراً‮ ‬يا لطيفـــة

أبدت النائب لطيفة القعود استعدادها للقاء النساء في قرية بني جمرة من خلال دعوة وجهتها لها القائمات على المجلس، وهذا شيء رائع، كون لطيفة أول امرأة تدخل المجلس النيابي، فمجيئها يبعث الاطمئنان والتشجيع والحب إلى هذه النائب. ويرسم إيحاءات ذهنية في نفوس النساء عن أهمية وجود امرأة في المجلس النيابي علماً أن عمل المرأة كنائب شيء له خصوصياته الإيجابية. أما بقية حديث الجلسة فهو إيحاء آخر. وهدف له سماته الخصوصية. وفي هذا المجال يحق لنا أن ننقل بعضاً من الندوة المثمرة التي تحدثت فيها هذه المرأة النائب. لقد كانت الدعوة موفقة حيث احتشدت كثير من النساء من قرية بني جمرة وغيرها بجانب عدد غير قليل من الصحفيات في ذلك المجلس النسائي، وكانت نوعية الأحاديث جديدة بالنسبة لنساء قرويات اعتدن على الأحاديث البسيطة وغير المجدية لا على المستوى السياسي ولا الاجتماعي والثقافي، أحاديث تناولت الكثير من الجدل حول الأربعين مليون دينار المخصصة للغلاء. بدأت النائب لطيفة بشرح وفير حول التضخم، وعرفته بأنه موضوع هام، وهي ظاهرة مستشرية في مجتمعاتنا العربية والعالم. لقد شغلت وتشغل هذه الظاهرة الإنسان العادي الذي يعيش على لحمة بطنه، فكيف بهذا الغول الذي بدأ يلتهم كل ما حوله! والسؤال هنا: هل نحن بصدد ظاهرة مؤقتة أم مرض مستديم؟ . تجيب النائب لطيفة: بأن هذا الغول يمكن أن يستديم في مجتمعاتنا بسبب أمور اقتصادية متعددة الأسباب، من ضمنها انخفاض قيمة العملة، وبسبب القوة الشرائية المرتفعة. وهذا بحد ذاته تضخم، والتضخم يؤثر على الدخل القومي بشكل عام، كما يؤثر على ميزان المدفوعات والإنتاج والموازنة وأسعار العملات والتوزيع العادل للثروة، فإذا حصل كل ذلك انتشر الفساد وأصبحت الفروقات  الطبقية أكبر من ذي قبل، فتنتشر الرشوة. وهذا أمر طبيعي لأن الموظف بشكل عام يتجه إلى الرشوة حتى يغطي النقص في المعاش المتآكل. وعن الإجراءات الحكومية، هناك حزمة من السياسات منها  تقليص الإنفاق الحكومي والضرائب على الإيرادات المتمثلة في إيراد الشركات، وقد يكون التضخم مستورداً كون عملتنا مرتبطة بالدولار. تقول القعود: كثير من السلع يدخل فيها سعر النفط، إذا ارتفع النفط ترتفع السلعة، لهذا فنحن مستوردون للتضخم إذا أنفقت الحكومة أكثر سواء في شراء الدواء أو شراء البضائع الأخرى، هناك كتلة نقدية متاحة للجمهور يحصل عليها عن طريق القروض من البنوك وهذه تؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة (أو ما يسمى بالتضخم المالي)، الاقتراض بالنسبة للمستثمر مكلف، وينعكس على المنتج وعلى المستهلك، لهذا نرى المستثمرين يتراجعون والإنتاج يقل، والصادرات أيضاً تقل، وبالتالي يحدث عجز في الميزان التجاري ويتأثر ميزان المدفوعات إذا انخفضت أسعار الفائدة. لكن لا توجد إحصائيات لكل ما أقوله، تقول النائب القعود، وإن وجدت فهي نصف سنوية أي بعد اقتراض الناس من البنوك. يعيش الناس على التنبؤات وهذا غير صحيح في عالم الاقتصاد المليء بالمفاجآت، الدراسة الميدانية المدعمة بالتحليل الاقتصادي هي مربط الفرس، وهي التي من خلالها نبني مستقبلنا، وبالنسبة لسلة أسعار المستهلك تقول القعود: لا يوجد في البحرين سلة نقود، عادة نسبة التضخم تكون عادية إذا كانت من 1٪ إلى 2٪. في البحرين ليست لدينا سلة ولا نعرف التضخم الحاصل. ما نعرفه هو من الخارج. عموماً من 3٪ إلى 4٪ تعتبر تضخماً بمعنى خلل ونحتاج إلى معالجة، ويجب أن نتحكم في الكتلة النقدية من بنك البحرين المركزي. طرحت القعود عدم إمكانية فك الدينار البحريني عن الدولار بسبب الصعوبة الناجمة عن ضآلة اقتصادنا بالنسبة لبقية الدول مثل الكويت (اقتصادنا لا يعادل حتى ميزانية شركة صغيرة في أمريكا). الفك عن الدولار يمكن أن يتسبب في نزول قيمة العملة البحرينية بشكل دراماتيكي. هناك أسئلة وجهت للقعود حول سبب ارتفاع الأسعار في مواد البناء والإيجارات، لكن النائب القعود اعتذرت عن الإجابة بقولها: لا توجد معلومات لدينا حالياً، وأضافت لقد رفعنا هذه المشكلة إلى مجلس الوزراء. وعن الأربعين مليون دينار قالت القعود بأنها ستصرف إلى كل بحريني راتبه 1500 دينار أو أقل بمقدار 50 ديناراً في الشهر. وسنحتاج  من 60-80 مليون دينار في عام 2010. أما مداخلات النساء فقد اتصفت بالسلبية لكن القعود تجنبت الرد على كل شيء، وعموماً كانت الندوة مثمرة وجديدة من نوعها وتطوراً في مجالس النساء. شكراً يا لطيفة، لقد أثمرت جهودك ونتمنى لك التوفيق.
 
صحيفة الوطن
1 مارس 2008