في مقالة سابقة قلنا: ان الحكومة عندما اقرت الـ “٠٤” مليون دينار لمعالجة ارتفاع الاسعار اتخذت موقفا ايجابيا من الغلاء الذي يعتبر من العوامل الاساسية التي ساعدت على تدهور الاوضاع المعيشية وقلنا ايضا ان النواب حينما ضغطوا نحو الاسراع في صرف علاوة الغلاء مارسوا دورهم الذي كان ينتظره المواطن على احر من الجمر ومع ذلك كنا نتوقع ان لا ينتهي هذا الدور ويكتفي بما خصصته الحكومة لعلاج تداعيات الغلاء هذا العام بل يمضي في وضع خطة وطنية من اولوياتها ردم الهوة المتسعة ما بين الدخول وتكاليف الحياة المعيشية، وربط الاجور بالاسعار والحد من تدني القدرة الشرائية للمواطنين، واصدار التشريعات التي تؤكد على التنافس وعدم الاحتكار وحماية المستهلك، وياليتهم فعلوا ذلك ولكن على ما يبدو ان هناك ملفات أهم من ذلك.. ملفات قد خصصوا لها جلسات لمناقشتها أي تفرغوا بالكامل لمكافحة التدخين وللتمثيل في “نصايف” الليل ليؤدوا دور بوليس الآداب بل وتحولوا الى مفتشي سياحة في أزياء تنكرية!! في حين ان الارتفاع اليومي المستمر للاسعار وغيره من الازمات الاخرى قد تم تأجيلها حتى الانتهاء من حملة مكافحة التدخين ومن الحفلة التنكرية!!
بعد اقرار علاوة الغلاء لا نجد من النواب من يتحدث عن مشروع يتبنى سياسة اقتصادية – اجتماعية ترفع المستوى المعيشي للناس وتحقق عدلا أكبر على مستوى لدخول ذوي الدخل المحدود!! ولا نجد ايضا من يطرح البدائل التي من شأنها ان تساعد على تخفيف حدة الاسعار وكأنهم وفي هذا الحال اكتفوا بالاربعين مليون كأفضل الحلول!! وتعتقد انه ومن بين هذه البدائل التي يجب التفكير فيها الجمعيات التعاونية الاستهلاكية التي تعد الكويت من أنجح التجارب الخليجية على صعيد العمل التعاوني التي يجب الاستفادة منها. قد يتفق الكثيرون من نوابنا ان تجربتنا مع هذه الجمعيات لم تكن ناجحة استثناء جمعية واحدة أرباحها السنوية لا بأس بها ولكن يا سادة هل يعني ذلك ان العمل التعاوني عملا فاشلا لا جدوى منه وخاصة اذا ما تجاوزنا اخطاء وسلبيات جمعياتنا السابقة؟!
هناك معوقات كثيرة اعترضت هذا النشاط الاقتصادي الاجتماعي التعاوني الاستهلاكي والسؤال كيف ينجح؟ ما لم يوفر له الدعم والتشجيع والحماية من الحكومة بدءا بتوفير الارض المناسبة والمبنى المناسب في المحافظات الخمس وانتهاء بالغاء الرسوم المفروضة عليه واذا كان ضعف الكادر المتخصص وتدني مستوى الوعي التعاوني الاستهلاكي يشكل عائقا فان وزارة العمل هي الاخرى تزيد من المعوقات الاساسية وخاصة ان دورها في ذلك الوقت كجهة مسؤولة عن العمل التعاوني قد اقتصر فقط على الاشراف السنوي على المؤتمرات دون ان تعطي أهمية للتدقيق المالي واعداد الكادر عبر دورات متخصصة!! وأهم هذه المعوقات والعراقيل غياب الاتحاد التعاوني ما أثر سلبا على الشراء الجماعي للسلع الذي على أساسه يتم البيع بأسعار أقل عن السوق.
على أية حال تجربة الكويت تجربة ناجحة وبصرف النظر عن الظروف التي أدت الى تراجع تجربتنا فانه اذا ما أحسنا ادارتها ورعايتها ستساهم في مواجهة الاسعار وفي استيعاب عدد من العاملية عن العمل.على العموم هذا المثال ليس الا أحد الامثلة ولكن الاهم من ذلك هو: متى تتجه الجهود البرلمانية لوضع خطة وطنية للأسعار؟؟ ومتى يكف نوابنا عن الانشغال بالامور الجانبية ويتفرغوا للمشاكل الحياتية التي يعاني منها المواطن الذي لا حول له ولا قوة.
صحيفة الايام
23 فبراير 2008