هذا الجهاز الحيوي الذي ستؤول الاعتمادات إليه في المستقبل هو المجلس الاقتصادي للتنمية الذي يشرف عليه ولي العهد، وهو حديث اليوم، المجلس متطور في الموازنة والقدرة على كشف الخلل وطريقة التمويل، مصمم في عمله على الطريقة الحديثة، لكي يقوم بدوره الفعال في القيام بدراسة المشاريع الاجتماعية والاقتصادية قبل البت فيها، والمجلس الاقتصادي وجد بسبب تأخر المشاريع التي أصبحت كل وزارة ترمي بأسباب تأخرها عن إنجاز المشروع على الوزارة الأخرى..
فمثلاً: مشروع الصرف الصحي كان من المفترض أن يدرس قبل الشروع فيه، فقد خسرت عليه الدولة ملايين الدنانير وعندما رأى نور الشمس اتضح أنه ليس مدروساً من قبل الشركة التي أسند إليها سواء في طريقة صرف نواتج المعالجة أو كيفية التخلص منها، ونجم عن نواتج الصرف تلوث خليج توبلي.. فلو أن هناك دراسة مسبقة قبل الشروع فيه لتفادت الحكومة المصاريف الجديدة التي ستصرفها من جديد على خليج توبلي لتنظيفه، وحماية المجتمع من التلوث، وهناك كثير من المشاريع عملت بشكل عفوي وصارت عواقبها وخيمة وتحتاج إلى إصلاح يكلف مبالغ بحجم المشروع نفسه..
هناك وزراء مخلصين للمشروع الإصلاحي للملك ولكن الإخلاص وحده ليس كافياً كما أن النية الصادقة لا تكفي أيضاً لمواجهة مشاريع ضخمة بهذا المستوى أو ذاك.. ليس هذا تشكيك في عمل وإخلاص أي وزيرأو هيئة أو لجنة ولكن السرعة ودقة الإنجاز هي المطلوبة.. كل النوايا حسنة.. وكل الجهود قيمة.. لكن الوضع يتطلب منا جميعاً أن نربطه بالزمان والمكان.. فاليوم عدد السكان ازداد إلى الضعف (حوالي مليون)، والتفكير في مطالب الأجيال الجديدة التي تحتاج إلى عدد مضاعف من المدارس والشقق السكنية والشوارع والطرقات والمباني والأسواق، وأيضاً الملاعب والحضانات.. كل ذلك يحتاج إلى إنجاز سريع وجديد . يضاهي عشرات المرات سرعة الإنجاز التي تقوم بها الوزارات
اليوم، علماً بأن الإنجاز السريع يؤدي إلى ارتفاع دخل الفرد ودخل الوطن، وهذا ما يعرف بالتنمية الاقتصادية التي تختصر مراحل كثيرة، وتسد الثغرات التي يمكن أن تنجم عن فساد اقتصادي سواء تأخر في الوقت أو في موعد التنفيد.
نحن نمتلك، كشعب ووطن جميع البنى التحتية التي تؤهلنا لكي ننافس الشعوب المتقدمة الأخرى على سبيل المثال أبو ظبي.. نحن نمتلك شعباً طيباً محباً للعمل والعلم لكنه مازال يراوح مكانه، فمن المفترض أن نستغل هذه المعطيات، ونبدأ بالإنتاج ثم الإنتاج ثم الإنتاج، دبي ليست أفضل من البحرين، لكن الانطلاقة هي التي صنعت من دبي معجزة، والمفترض أن تكون هذه المعجزة من نصيب البحرين أيضاً، فالعطاءات أكبر بكثير.. وبالمقارنة فإن وضع البحرين في الإنجاز ضعيف جداً نسبة إلى الإمارات لأننا نخاف من التغيير، والمجاملة وبوس اللحي هي المستشرية بيننا.. لماذا لانتذكر ماضينا العريق حتى يكون دافعاً لنا؟ نحن أبناء هذه الجزيرة الذين أرسوا دعائم الحكم الرشيد منذ آلاف السنين من أيام حمورابي.. لماذا بقينا مكاننا دون تقدم؟ أين الإنجازات التي أبهرت العالم في صناعة الديمقراطية والعدالة؟
مجلس التنمية الاقتصادية هو مشروع وطني واسع كونه يربط الوزارات ويجعلها كخلية نحل يعيد تنظيمها بطريقة منهجية مدروسة ويضخ فيها دماء جديدة، وحتى لا تتضارب الأهداف يجب أن تكون هناك خطة استراتيجية متكاملة تدفع باقتصاد البلد كل واحد فينا ستتطور حياته أفضل مما هو عليه، أهداف الوزارات ستصبح أهدافاً مشتركة، والكل سيربح من مشروع ولي العهد، وسينتهي التخبط الموجود والازدواجية وعدم التنسيق وضياع المال والوقت والطاقة بين الوزارات.
صحيفة الوطن
9 فبراير 2008