غريب عوض واحد من البحرينيين الشغوفين بالترجمة من الانجليزية إلى العربية، إضافة إلى كونه واحدا من المتابعين المثابرين للأنشطة الثقافية والفكرية في البلد. لكن مركز الثقل في اهتمام غريب بالترجمة موجه نحو الدراسات الفكرية، مولياً اهتماماً خاصا للتعريف بالأطروحات التي تعالج دور القوى الديمقراطية والتقدمية واليسارية في عالمِ اليوم المتغير، ومناقشة قضايا التحول الديمقراطي في العالم. وبهذا المعنى يبدو غريب عوض واحداً من قلةٍ نادرةٍ جداً في هذا البلد، التي تتوجه هذه الوجهة التي نحتاجها. ونُشرت ترجمات غريب عوض في بعض صحفنا المحلية، كما أن بعض الدراسات التي يحرص على انتقائها بعناية وترجمتها تنشر مسلسلة في نشرة “التقدمي” الصادرة عن المنبر الديمقراطي التقدمي، وقبل ذلك في نشرة “أخبار المنبر”. دار “فراديس” وبالتعاون مع الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان تولت نشر مجموعة كراريس ترجمها غريب عوض عن الانجليزية، وصدرت في سلسلة “دفاتر ديمقراطية”. ”مدخل إلى الديمقراطية” هو عنوان هذه الكراريس التي صدر منها اثنانُ حتى الآن، والثالث يصدر قريبا، ومن وضع الباحثين ديفيد بيتهام وكيفن بويل.سبق لمادة هذه الحلقات أن نشرت على مدار زمني طويل نسبيا في الملحق الثقافي لجريدة “أخبار الخليج” الذي يشرف عليه الروائي والكاتب عبدالله علي خليفة، وهي تشكل مادة تعريفيةً شارحةً ومفيدةً للناشطين في الحقلين السياسي والحقوقي، لا بل أنها بالطريقة التعليمية التي تتميز بها تعد مرجعاً مفيداً للقارئ العادي، ولكل المتابعين لقضايا التنمية السياسية والتحول الديمقراطي. وهي مادة نحتاجها في بلادنا البحرين في فترة التحول الراهنة، لأنها تتناول المفاصل الرئيسية في قضايا البناء الديمقراطي، من الوجهتين النظرية والعملية، أي من زاوية الفقه السياسي والحقوقي، ومن زاوية التجارب الملموسة في العالم. تولى الناشط الحقوقي المهندس عبدالنبي العكري التقديم للكراسين اللذين صدرا حتى الآن، داعياً إلى الذهاب في عملية البناء الديمقراطي نحو جوهرها، بما تفرضه من استحقاقات تتجاوز حدود المظهر الخارجي، بأن تكسب الهياكل التي تقترحها الديمقراطية محتوىً ديمقراطياً فعلياً. وبودي في هذه العجالة توجيه تحية تقدير للصديق غريب عوض الذي تشكل ترجماته مساهمةً مهمةً في تعريف القارئ البحريني، وحتى العربي أيضاً، بما هو في حاجةٍ إليه من معرفةٍ واطلاعٍ على قضايا تلامس هواجس مجتمعنا والمجتمعات العربية الأخرى التي تعبر مساراً مشابهاً لذاك الذي نجتازه نحن في البحرين في الفترةِ الراهنة. ونحن على ثقة من أن ما ننتظره من غريب من قادمِ الترجمات سيصب في هذا السياق، ويثريه بالمفيد والضروري على نحو ما اعتدناه فيه من دأبٍ في مجمل عمله، وفي حرصه على أن يكون قريباً ومتفاعلاً مع ما يدور في مجتمعه وفي حركته التقدمية والديمقراطية بشكلٍ خاص.
صحيفة الايام
15 يناير 2008