على موقع »الحوار المتمدن« يلفت الكاتب عبد الوهاب حميد رشيد أنظارنا إلى ظاهرة تطبع السياسة الأمريكية في العراق، وهي عدم الاكتفاء بالدور الأمني لقوات الاحتلال النظامية في حماية المصالح الأمريكية هناك، وإنما الاستعانة بمرتزقة يضطلعون بمثل هذه المهام بموجب عقود خاصة مع الشركات العاملة في مجال النفط وسواه التي تحقق عشرات المليارات من الأرباح في ظل استمرار الاحتلال. وينقل الكاتب عن الصحافة الأمريكية ما يفيد بأن عدد أصحاب العقود الخاصة في العراق اليوم يزيد على عدد القوات الأمريكية بـ ٠٢ ألفاً على الأقل. وحسب »لوس انجلوس تايمز« في أحد أعدادها خلال الفترة الماضية، يتواجد أكثر من ٠٨١ ألف فرد من أصحاب العقود الخاصة العاملين في العراق، بينما بلغ عدد القوات الأمريكية بعد الإضافة ٠٦١ ألفا. يتم استخدام عناصر الأمن من أصحاب العقود الخاصة لحماية الرسميين في الحكومة العراقية ولرجال الأعمال، وحراسة البنايات والسفارات، كما في شركات مثل: بلاك ووتر، دينكورب، وتربلكانوبي، وايرنسي. ومن ذلك أن شركة »كي.بي.آر«، وهي شركة خدمات نفطية مقرها في هيوستن وحصلت على عقود مهمة في العراق، تملك وحدها ٤١ ألفاً في العراق، مهمتها توفير دعم لوجستي لقوات الاحتلال. وهو ما يفسره ناطق باسم احد المجمعات النفطية العسكرية: »علينا أن نعزز أكثر صيغة المستثمرين المغامرين لأنها تشجع العاملين على أن يكونوا فعالين متقدمين لا متراجعين، وأن يعملوا ببيروقراطية أقل وأكثر شبهاً بالمستثمرين المغامرين«. تسمح صيغة العقود الخاصة لإدارة بوش بنشر قوات خاصة، في حين تخفي هذه الصيغة الأعداد الحقيقية لجنوده المصابين في المعارك من قتلى وجرحى. خلال الفترة ١٠٠٢-٨٠٠٢ تكون الولايات المتحدة قد أنفقت ما يبلغ ٣.٢ تريليون دولار على السلع والخدمات العسكرية، وكل هذه المبالغ تذهب إلى شركات خاصة، أغلبها شركات عقود خاصة في العراق. يندرج ذلك في إطار التوجهات الاستراتيجية للولايات المتحدة في التوسع عبر العالم، استجابة لمصالح المجمع الصناعي الحربي الباحث عن أسواق وفرص استثمار جديدة، مدعوماً بالقوة الغاشمة التي لن تتورع عن شن المزيد من الحروب، ولن تعوزها الذرائع والحجج والمبررات لشن مثل هذه الحروب تحت هذه اليافطة أو تلك.
صحيفة الايام
14 يناير 2008