أسم الكاتب : الدكتور حسن مدن || الأمين العام السابق للمنبر التقدمي || نُشِرَ في May 11, 2018 ضمن ( مقالات )
كلمات قليلة، قليلة جداً، هي تلك التي قالها المناضل العمالي المخضرم أحمد سند البنكي، في حفل المنبر التقدمي بمناسبة الأول من مايو عيد العمال العالمي، بكل ما هو معروف عنه من عفوية وبساطة وصدق وإخلاص لوطنه وللطبقة العاملة البحرينية التي هو أحد المدافعين الصلبين عن حقوقها، وللشعب الذي من أجل حقه في حياة أفضل دخل أحمد السجون، وظلّ على خياره التقدمي، من خلال تنظيمه العريق: جبهة التحرير الوطني، في عقود العمل السري الطويلة الصعبة، وبعد ذاك من خلال منبره التقدمي الذي ظلّ متمسكاً به، مخلصاً لقضيته، حاضراً دائما في أنشطته وفعالياته، على كل ما عصف بالبلد والمجتمع من صعوبات، لم يسلم “التقدمي” نفسه من بعض ارتداداتها.
من صفوف القاعة التي غطاها الأحمر لوناً لقمصان الحاضرين، نساء ورجالاً، شباناً وكهولاً وشيوخاً، مصطحبين معهم الأطفال أيضاً، مشى أحمد سند الهوينى نحو منصة التقدمي، ليقول كلماته القليلات، المعبرات، الواضحات التي تغني عن خطب طويلة.
عبّر، وبمنتهى العفوية، عن بهجته المعتادة بحفل الأول من مايو، مؤكداً ما الذي يعنيه هذا اليوم لعمال البحرين، كما للعمال العرب والعمال في العالم، رمزاً للنضال والتضحية. متسائلاً: أكان بوسعنا أن نحتفل بهذا اليوم بصورة علنية، وأن يصبح عطلة رسمية في الوطن كله، لولا نضالاتنا وتضحياتنا، نحن العمال، في السنوات الصعبة، لولا الاضرابات التي خضناها من أجل ذلك، ولولا زنازين السجن التي قضينا فيها ليالي البرد والحر، سنوات، حتى ننال حقاً بديهياً من حقوق العمال في كل العالم؟
لم يكتفِ أحمد بهذا السؤال. طرح سؤالاً آخر، وبالبساطة نفسها: “والنقابات؟ أكان سيكون لدينا نقابات عمالية علنية، معترف بها، لولا النضال التراكمي الطويل الذي خضناه”؟
ومن يكون قلبه على الوحدة الوطنية لشعبه ومجتمعه أكثر من العمال، الذين لم تسأل المصانع وورش العمل وشركات المقاولات عن مذهبهم وأصلهم وفصلهم وهي تستغل عرق جبينهم، وتضطهدهم، فأصبحوا الطبقة الموحدة المتجاوزة للانتماءات المذهبية والعابرة للطوائف، ومن صفوفها بالذات ولد الوعي الطبقي – الوطني الجديد الذي يعود إليه الفضل في صنع مجتمع البحرين الحديث قبل أن تعصف به تيارات التقسيم؟
كانت تلك الرسالة التي ختم بها أحمد سند كلماته القليلات، المُوجزات، المُعبرات، قبل أن ينزل من المنصة عائداً إلى كرسيه وسط تصفيق الحضور: “أيجوز لنا، سأل أحمد، ونحن الذين كنا نهتف: “من مراكش للبحرين .. شعب واحد لا شعبين”، يوم كان طموحنا للوحدة بمساحة هذا الفضاء العربي الممتد، أن نتحول للتوقف، وفي المجتمع البحريني الصغير، عند ما إذا كان أحدنا سنياً أو شيعياً؟”.
اتحاد الحدس الفطري السوي، مع خبرة النضال الطويل، تتحول إلى اقوال، هي بمثابة حكمة، على أفواه رجال مثل النقي، الوفي، أحمد سند.