ـ1ـ
أحترم – بالطبع – الرغبة التي أعلن عنها قبل أيّام 16 نائباً حتى الآن في إعادة ترشيح أنفسهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وأحترم 12 نائباً أعلنوا عدم حسم موقفهم من الترشح حتى الآن، وأحترم امتناع 7 نواب عن الإفصاح عن موقفهم من إعادة الترشح، بقي اثنان، اثنان فقط أحترم إعلان قرارهما بعدم خوض غمار الترشح..!
أحترم رغبة الجميع، وإن كنت أرى – بل أثق – ان استسهال فكرة عودة أي من الطاقم النيابي الحالي من جديد، ليست مستساغة، وأحسب انها مرفوضة من قبل قطاع واسع من الناخبين، وأحسب ان هؤلاء وأنا واحد منهم يتساءلون كيف ساورت هؤلاء أنفسهم فكرة العودة مجدداً الى الساحة البرلمانية، على أي أساس يتعشم هؤلاء العودة وهم أدرى من غيرهم بخيبة ناخبيهم فيهم ونظرتهم اليهم، هؤلاء يعلمون كيف عمل بعض النواب، بل كثير من النواب على إضعاف الأسس التى يقوم عليها العمل البرلماني المعتبر، هناك مشاهد ووقائع ومواقف لا تنسى، يمكن التذكير بها لكل من يريد، كلها مسجلة ومنشورة وموثقة ويمكن الرجوع اليها في أي وقت، نواب جعلوا العمل البرلماني مقطَّع الأوصال، خلقوا مناخات من الإحباط، يكفي القول إنهم جعلوا كثيراً من الناس يتمنون لو لم يكن لدينا مجلس نيابي، وهنا لا نرانا في حاجة الى الاستفاضة في الحديث عن ممارسات برلمانية ذات طابع مسرحي كوميدي، ممارسات تفضح نفسها بنفسها ..!!
يحضرنا الآن مثل يقول «المجرب لا يجرب»، لأنه سيسير بنا الى نفس الطريق، الى نفس النتيجة، الى المزيد من الإخفاقات وخيبات الأمل، والمناوشات ذات الطابع الكاريكاتوري، وسيكون مملاً أن نستعرض الشوائب التي رافقت مسيرة وأداء النواب، ولكن يمكن القول إن حصيلتهم إجمالاً لا تتيح لنا ان نحلم بواقع برلماني أفضل، ولا بتجربة يفترض انها ديمقراطية، لذلك لا يسع المواطن، وقد نفدت قدرته على الاستغراب إلا ان يشعر بالأسى وهو يقرأ ما يفيد بأن معظم النواب قرروا إعادة ترشيح أنفسهم من جديد، ربما ظنوا ان وجودهم تحت قبة البرلمان طيلة السنوات التي مضت، وأداءهم الذي وجدنا منهم من يشيد به في أكثر من مناسبة يكسبهم الحق في إعادة الترشح، وكأننا شعب لا يجيد استخلاص العبر والدروس، ولا يعرف كيف يتفادى تكرار الأخطاء والوقوع فيه، ولا مانع لديه اذا كان المشهد البرلماني عبثياً ان يأتي بمن يواصل هذا العبث، ويجعله أكثر عبثية، لم لا مادام بعض النواب وكأننا في مسرحية هزلية رديئة يصرون على تمجيد إخفاقاتهم باعتبارها إنجازات ..!!
هل هذا مقبول ومعقول ..؟ صحيح انه لم ولن تُمحَ من الذهن، ولا من الذاكرة كيف كان أداء النواب الذين تشارف صلاحيتهم على الانتهاء، والذين لا يسعفهم الوقت لأن يتجملوا، خاصة بعد ان جعلوا سلطة المحاسبة مشلولة عملياً، غدت حبراً على ورق، بعد القيود التي فرضها النواب في مشاهد لا تنسى، ولكن الصحيح ايضاً انه لا ينبغي الاكتفاء بنقد النواب، اذ لابد من باب الموضوعية الانتقال الى نقد الناخبين، هؤلاء لابد ان يتحملوا حصتهم من مسؤولية خياراتهم، وهي الخيارات التي أوصلت وللأسف نواباً تعامل معظمهم مع الناس وكأنهم لم يبلغوا سن الرشد السياسي ..!!
ليترشح من يترشح من النواب الحاليين وغيرهم، المهم ان يتعظ الناخب، ان يكون أكثر وعياً، وأكثر تحسباً لحظة الفرز، لأننا اليوم بحاجة الى من يكلفهم الشعب بصناعة الديمقراطية، وليس من يتسابقون على سد كل الطرق اليها، او يجعلون الديمقراطية بمثابة الحق الذي يراد به باطل..!! او الديمقراطية هي كذلك حرية التعلم من الأخطاء، فلا ترتكب مرتين، أخيراً نقول الى نواب الأمر الواقع الراهن ما قاله الشاعر أحمد مطر، نسألكم الرحيلا، لن ننسى لكم هذا الجميلا.. !.
ـ2ـ
سؤال بريء..
لماذا لم نجد نائباً، نائباً واحداً لا أكثر يمكن اعتباره مفكراً، وميزان المجلس النيابي، اذا تكلم أنصت له الجميع من داخل وخارج الجميع، فقط لأنه يقول شيئاً له قيمة، شيئاً معتبراً ومعبراً عن تطلعات الناس ومصالحهم، يحرك مشاعرهم وضمائرهم..؟.
نائب اذا تكلم لا يقال عنه إنه صاحب غرض، او غاية، او مصلحة خاصة، ولا يقال بأنه حكومي أكثر من الحكومة، ولا يقال بأنه نائب خدمات، او يقال بأنه نائب بمستوى موظف علاقات عامة لدى هذه الجهة او تلك، لا همَّ له إلا إصدار بيانات الإشادة بكل ما تقوم به الحكومة..!! باختصار نائب لا يكون سبباً من أسباب السخط وهي كثيرة في بلادنا وللأسف..!!
ـ3ـ
لا مانع من سؤال بريء آخر..
هل لو كان العمل البرلماني مهمة وطنية تطوعية، لا رواتب ولا امتيازات، ولا معاش تقاعدي، هل سنرى إقبال المترشحين بالكثافة ذاتها التي نشهدها في كل انتخابات..!!