منذ نشوء الطبقة العاملة من رحم الثورة الصناعية في أوروبا حتى يومنا هذا وجماهير الشغيلة تناضل ضد قوى الاستغلال الفكري والجسدي المهيمنة على رقاب الملايين من الكادحين في العالم، وبالمقابل فإنه لا يمكن ان يجري تجاهل دور الطبقة العاملة وسائر الشغيلة اليدوية والفكرية خصوصاً إذا انطلق نضالها من الوعي الحقيقي الذي من خلاله تستطيع معرفة طبيعة الاستغلال الذي تتعرض له من الرأسمالية الاحتكارية التي تجعل من الكادحين لها عبيداً لرأس المال في سبيل جني الأرباح الطائلة في خزائن حفنة قليلة، وافقار الملايين من الكادحين مع انتشار البطالة والفقر والتشرد حتى في عقر دار أكبر الدول الرأسمالية مثل أمريكا وأوروبا.
الوعي الحقيقي في صفوف الحركة العمالية وقياداتها وكوادرها هو الذي من خلاله تدرك الجماهير الكادحة ضرورة العمل المنظم الذي تتضافر فيه جهود الكادحين على المستوى الأممي، والذي على أساسه صيغ الشعار الملهم: يا عمال العالم اتحدوا ولن تخسروا إلا القيود.
أيضاً تزداد الفرص امام الحركة العمالية كلما وعت وناضلت في سبيل ان تتحرر من القيود السياسية القمعية والأفكار الرجعية وتعلم بناء المجتمعات الحرة الديمقراطية، الخالية من صنوف القهر والاستبداد والظلم بجميع أشكاله الجسدية والفكرية، والتمييز العرقي والطائفي والمذهبي، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة والمواطنة الكاملة.
إن القوى المعادية للحركة العمالية والنقابية تعمل باستمرار للحيلولة دون وحدة هذه الحركة، وتبث سموم الاستعمار القديم – الجديد وتدس الانتهازية في صفوف الحركة العمالية والنقابية حتى تصل لدرجة الانقسام والتشرذم والاضعاف دورها وهذا ما يحصل اليوم في ربوع الوطن العربي.
تاريخياً لعبت الحركة العمالية واليسارية أدوار بطولية في توحيد الحركة العمالية والنقابية هذا منذ اصدار البيان الشيوعي عام 1848 وايضاً من خلال تجربة كومونة باريس وبعدها قيام الثورة الاشتراكية العظمى في روسيا عام 1917 التي ساهمت في النهوض بالحركة الاشتراكية العالمية وعززت دور الحركة العمالية على مستوى العالم، إلا أن الانهيار المدوي للاتحاد والسوفياتي قد ساهم في تراجع الحركة العمالية نتيجة لتراجع الحركة اليسارية.
لا يجب أن يعني هذا توقف النضال اليومي للعمال بل ان ذكرى الأول من مايو ايار المجيد من كل عام حافز لمواصلته في سبيل الحفاظ على ما تحقق لها من مكاسب تاريخية، ومن أجل وقف صنوف الاضطهاد والاستغلال البشع في كل مكان، وهي المهمة المناطة بالقوى التقدمية واليسارية.
نشرة التقدمي العدد 126 مايو 2018