لم يفرق قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر بموجب المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية في نصه الاصلي بين الحق في الانتخاب والحق في الترشيح ، إذ وضع قيدا واحدا معقولا لكلاهما إذ نصت المادة الثالثة منه على انه (يحرم من مباشرة الحقوق السياسية المحكوم عليه في جناية أو جنحة بعقوبة سالبة للحرية أثناء تنفيذه للعقوبة المحكوم بها ). غير أنه هذا النص تعرض للتعديل بموجب القانون رقم (36) لسنة 2006 الصادر بتاريخ 30 يوليو 2006م وفرق ما بين حق الانتخاب وحق الترشيح لمجلس النواب ووضع قيودا غير معقولة عليهما وذلك على النحو الذي سيرد في سياق هذا الموضوع .
وعلى الرغم أن هذا التعديل فيما يتعلق بحق الترشيح لمجلس النواب كان محلا للنقد لمخالفته لإحكام الدستور ومبادئ حقوق الانسان وحقوق المواطنة ، ولتعارضه مع الاثار المترتبة على رد الاعتبار والعفو الخاص .وعلى الرغم أن القوى السياسية كانت تتطلع لتعديله فأن مجلس النواب وهو في دور الانعقاد الاخير يطالعنا في جلسته المنقدة يوم الاثنين 19 فبراير 2018 بالموافقة على اقتراح بقانون بتعديل المادة الثالثة من مرسوم مباشرة الحقوق السياسية، وقرر رفعه إلى الحكومة وبحسب نص المقترح فانه يضيف على قيود حق الترشيح لمجلس النواب قيودا جديدة تمنع من الترشيح لمجلس النواب سنشير إليها في سياق البحث .
فما هو مدى دستورية هذه التعديلات سواء تلك التعديلات المنصوص عليها أو تلك التي نص عليها اقتراح مجلس النواب !! ما مدى انسجامها مع القوانين المعمول بها ذات الصلة والاثار المترتبة على رد الاعتبار والعفو الخاص من العقوبة !!
مخالفة تعديلات نص المادة الثالثة بما فيها التعديلات المقترحة من مجلس النواب لمبدأ السيادة الشعبية والاقتراع العام المنصوص عليهما في الدستور
أولا في تعديلات عام 2006 ينص دستور مملكة البحرين في المادة الاولى في الفقرة ( د ) على ان نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي ، السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعا ، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور. وإعمالا لمبدأ السيادة الشعبية، فقد أخذ الدستور بمبدأ الاقتراع العام، الذي يخول كل مواطن حق الانتخاب، دون أن يحرم أحدا في استخدام هذا الحق تنال من مبدأ الاقتراع العام. وذلك حين نص الدستور في المادة ( 56 ) على انه ( يتألف مجلس النواب من أربعين عضواً يُنتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر وفقاً للأحكام التي يبينها القانون .) وهو ما أكده الدستور حين أشترط في عضو مجلس النواب بموجب المادة ( 57 ) ما يلي :
أ – أن يكون بحرينيا ، متمتعاً بكافة حقوقه المدنية والسياسية ، وأن يكون اسمه مدرجاً في أحد جداول الانتخاب . معدلة بموجب التعديلات الدستورية الصادرة 2012
أ – أن يكون بحرينياً، وأن يمضي على من اكتسب الجنسية البحرينية عشر سنوات على الأقل، وغير حامل لجنسية دولة أخرى، باستثناء من يحمل جنسية إحدى الدول الأعضاء بمجلس التعاون لدول الخليج العربية بشرط أن تكون جنسيته البحرينية بصفة أصلية، ومتمتعاً بكافة حقوقه المدنية والسياسية، وأن يكون اسمه مدرجاً في أحد جداول الانتخاب
ب- ألا تقل سنه يوم الانتخاب عن ثلاثين سنة ميلادية كاملة .
جـ – أن يجيد قراءة اللغة العربية وكتابتها .
د – ألا تكون عضويته بمجلس الشورى أو مجلس النواب قد أُسقطت بقرار من المجلس الذي ينتمي إليه بسبب فقد الثقة والاعتبار أو بسبب الإخلال بواجبات العضوية . ويجوز لمن أُسقطت عضويته الترشيح إذا انقضى الفصل التشريعي الذي صدر خلاله قرار إسقاط العضوية، أو صدر قرار من المجلس الذي كان عضوا فيه بإلغاء الأثر المانع من الترشيح المترتب على إسقاط العضوية بعد انقضاء دور الانعقاد الذي صدر خلاله قرار إسقاط العضوية
وهي ذات الشروط التي نص عليها قانون مجلسي الشورى في المادة ( 11 البند أ ) والتعديلات التي جرى عليها عام 2012 تبعا لتعديل الدستوري .
وقد جاء قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر عام 2002بموجب المرسوم بقانون رقم (14) فيما نص عليه من قيد على حق الانتخاب والترشيح منسجما ومتوافقا نسبيا مع الاحكام الدستورية التي اشرنا لها ، ويستجيب نسبيا لمعنى السيادة الشعبية ولاقتراع العام التي نص عليها الدستور فنص في المادة الثالثة على أن الذي يحرم من مباشرة الحقوق السياسية هو المحكوم عليه في جناية أو جنحة بعقوبة سالبة للحرية أثناء تنفيذه للعقوبة المحكوم بها .
غير أن التعديلات التي أجريت على المادة الثالثة من قانون مباشرة الحقوق السياسية سواء تلك التي صدرت بموجب القانون رقم (36) لسنة 2006 ، لا تنال وتنتقص فحسب من حق الاقتراح العام ومن سيادة الشعب باعتباره مصدر السلطات جميعها بل تمتد إلى النيل من حقوق المواطنة ، إذ تلاحق المواطن مدى حياته، فلا يفتك منها إلا بوفاته، عندما تمنعه من حق الترشح لمجلس النواب حتى وان رد إليه الاعتبار أو حصل على عفو خاص كما أنها تتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة ومع المعايير الدولية والاثار المترتبة على رد الاعتبار والعفو الخاص من العقوبة !! كل ذلك سنشير إليه بشيء من التفصيل كما يلي كما يلي :
إذ كان من المعقول والمقبول التعديل الذي جرى عام 2006 على المادة الثالثة من المرسوم بقانون مباشرة الحقوق السياسية بحرمان المحكوم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة حتى يرد إليه اعتباره ، من مباشرة حق الانتخاب ، لان هذه المباشرة تتوقف على رد اعتبار المحكوم عليه ، غير أنه من غير المعقول ومن غير المقبول من منظور دستوري وقانوني ومواثيق دولية وحقوق انسان وحقوق المواطنة أن ينص هذا التعديل على حرمان المحكوم عليه في جناية من الترشح لمجلس النواب حتى وأن رد إليه اعتباره أو حصل على عفو خاص . فمن الناحية الدستورية فأن المادة الاولى الفقرة (هـ ) نصت بوضوح على أن ( للمواطنين ، رجالاً ونساءً ، حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية ، بما فيها حق الانتخاب والترشيح ، وذلك وفقاً لهذا الدستور وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون . ولا يجوز أن يحرم أحد المواطنين من حق الانتخاب أو الترشيح إلا وفقا للقانون ).
غير أن هناك ربما من يقول أن الدستور قد اباح للمشرع العادي أي مشرع القانون أن يحرم من يشاء من المواطنين من حقي الانتخاب والترشيح مدللا على ذلك بالفقرة الاخيرة من النص الدستوري سالف الذكر( ولا يجوز أن يحرم أحد المواطنين من حق الانتخاب أو الترشيح إلا وفقا للقانون ). أي بمفهوم المخالفة انه يجوز للقانون أن يحرم أي مواطن من حق الانتخاب أو الترشح .
ونرد عليه بما نص عليه الدستور في المادة -31- على أنه ولا يجوز أن ينال تنظيم أو تحديد الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور من جوهر الحق أو الحرية .
ونتساءل هنا أليست الحقوق السياسية والتمتع بها بما فيها حقي الانتخاب والترشيح تعد من أهم مبادئ الحرية والمساواة التي نص عليها الدستور ؟
فإذا كان الدستور قد نص بوضوح وحظر تعديل مبادئ الحرية والمساواة المقررة في الدستور حظرا كليا فنص في المادة -120- الفقرة ( ج ) على انه لا يجوز ( لا يجوز اقتراح تعديل المادة الثانية في هذا الدستور، كما لا يجوز اقتراح تعديل النظام الملكي ومبدأ الحكم الوراثي في البحرين بأي حال من الأحوال، وكذلك نظام المجلسين ومبادئ الحرية والمساواة المقررة في هذا الدستور.) نقول إذا كان المشرع الدستوري قد حمى مبادئ الحرية والمساواة من اقتراح تعديلها فإنه من باب أولى من المشرع العادي أن لا يشرعها أو يعدل فيها على نحو يتجاوز ما نص عليه الدستور ودون ينال من جوهرها .أن حقي الانتخاب و الترشيح هما حقان متكاملان لا تقوم الحياة النيابية بدون أيهما و لا تتحقق للسيادة الشعبية أبعادها الكاملة إذا ما هما أفرغا من المضمون الذي يكفل ممارستها ممارسة جدية و فعالة ، و من ثم كان هذان الحقان لازمين لزوماً حتمياً لإعمال الديمقراطية في محتواها المقرر دستورياً و لضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة في حقيقتها عن الإرادة الشعبية و معبرة تعبيراً صادقاً عنها .
وقد قضت المحكمة الدستورية المصرية العليا بأن حق (الترشيح ركيزة من ركائز النظام الديمقراطي ، و يتعلق بعموم المواطنين يمارسونه على قدم المساواة فيما بينهم متى توافرت فيهم شروطه المقررة ، و يتقيد المشرع حال تنظيمه له بتلك القواعد الدستورية بحيث لا يجوز له أن يتخذ من هذا التنظيم ستاراً للانتقاص أو النيل منه ) .
كما قضت وأن كان الدستور أجاز للمشرع العادي تنظيم الحقوق السياسية ” وفقاً لأحكام القانون ” ، فإنه يتعين عليه أن يراعي في القواعد التي يتولى وضعها تنظيماً لتلك الحقوق ألا تؤدي إلى مصادرتها أو الانتقاص منها و ألا تنطوي على التمييز المحظور دستورياً أو تتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص الذي كفلته الدولة لجميع المواطنين ممن تتماثل مراكزهم القانونية و بوجه عام ألا يتعارض التنظيم التشريعي لتلك الحقوق مع أي نص في الدستور بحيث يأتي التنظيم مطابقاً للدستور في عموم قواعده و أحكامه …… حيث كفل – الدستور- للمواطنين حقي الانتخاب و الترشيح و جعلهم سواء في ممارسة هذين الحقين و لم يجز التمييز بينهم في أسس مباشرتهما و لا تقرير أفضلية لبعض المواطنين على بعض في أي شأن يتعلق بهما ، و إنما أطلق هذين الحقين للمواطنين – الذين تتوافر فيهم الشروط المقررة لذلك – على اختلاف انتماء تهم و آرائهم السياسية لضمان أن يظل العمل الوطني جماعياً لا امتياز فيه لبعض المواطنين على بعض … ( أنظر في الحكم الصادر في . الدعوى رقم 37 لسنة 9 ق ” دستورية ” – جلسة 19/5/1990 ..
ومن الناحية القانونية : في العفو الخاص
يمكن القول أن حرمان المحكوم عليه بعقوبة جناية من حق الترشح لمجلس النواب حتى وإن صدر بشأنه عفو خاص هو حرمان ينال من جوهره وان كان العفو الخاص هو الذي يصدر بمرسوم من ملك البلاد ويتضمن إسقاط العقوبة كلها أو بعضها أو إبدالها بعقوبة أخف منها قانونا ولا يترتب عليه سقوط العقوبات الفرعية أو الآثار الجنائية ما لم ينص مرسوم العفو على خلاف حسب نص المادة ( 90 ) من قانون العقوبات.
أن هذا الحرمان يتعارض مع ما نص عليه قانون العقوبات في المادة 53 على عقوبة التجريد المدني على أنها حرمان المحكوم عليه من كل أو بعض الحقوق والمزايا من بينها الحرمان من الحق في أن يكون ناخبا أو منتخبا في المجالس العامة ، ويتناقض مع ما نص عليه في العقوبات الفرعية في المادة ( 59 ) على أن الحكم بالسجن يستتبع الحرمان من كل الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة 53 …. ) .
غير أن هذه المادة نصت على حكم هام حدد مدة زمنية ينتهي فيها الحرمان من عقوبات التجريد المدني ومنها الحرمان من الحق في أن يكون ناخبا أو منتخبا في المجالس العامة بان نصت على الحرمان يكون(من يوم الحكم حتى نهاية تنفيذ العقوبة أو انقضائها بأي سبب آخر ) . معنى ذلك أن الحرمان من هذا الحق ليس ابديا لا نهاية له بل ينتهي بانتهاء تنفيذ العقوبة .
وقد نص قانون العقوبات بوضوح في المادة – 91 – على أن سقوط العقوبة بالعفو الخاص يعتبر في حكم تنفيذها .
وهذا يعني أن التعديل الذي اجراه المشرع العادي على قانون مباشرة الحقوق السياسية عام 2006 بحرمان المواطن المحكوم عليه بعقوبة جناية من الترشح لمجلس النواب حتى وأن حصل على عفو خاص إلى الابد يخالف احكام قانون العقوبات على النحو الذي اسلفنا . في رد الاعتبار :
لا يضع الدستور أحكام خاص تنظم رد الاعتبار ، وانما وضع هذا الاحكام قانون العقوبات وقانون الاجراءات الجنائية ، وهي أحكام واحدة ومتطابقة في القانونيين نظمت شروط وإجراءات رد الاعتبار ، ولعل ما يهمنا في سياق الموضوع الذي نتحدث عنها هو ما نصت عليه المادة ( 404 ) من قانون الاجراءات الجنائية على أنه ( يترتب على رد الاعتبار محو الحكم القاضي بالإدانة بالنسبة إلى المستقبل وزوال كل ما يترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق وسائر الآثار الجنائية) . وهي ذات المادة وبنفس الرقم المنصوص عليها في قانون العقوبات .
فاذا كان النص هكذا في قانوني الاجراءات الجنائية والعقوبات ينصان على أن رد الاعتبار يمحو الادانة ويزيل الحرمان من الحقوق وسائر الآثار الجنائية فكيف يكون جائزا ومقبولا التعديل الذي اجراه المشرع العادي على قانون مباشرة الحقوق السياسية عام 2006 بحرمان المواطن المحكوم عليه بعقوبة جناية من الترشح لمجلس النواب حتى وأن رد إليه اعتباره إلى الابد .
ثانيا : في الاقتراح بقانون المقدم من مجلس النواب :
وفي الوقت الذي كنا نتطلع فيه من مجلس النواب أن يتصدى لهذه التعديلات التي تمت عام 2006 على المادة الثالثة من قانون مباشرة الحقوق السياسية بإلغاء أو التعديل ما نصت من قيد حق الترشيح لمجلس النواب على النحو السالف بيانه ، نجده يضع قيودا جديدة باستبدال هذه المادة بأن وضع في النص بالإضافة إلى القيود الموجود فيه في الاصل تمنع من حق الترشيح لمجلس النواب كل من :
• قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية الفعليين المنحلة بحكم نهائي لارتكابها مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو أي قانون من قوانينها.
• كل من تعمد الأضرار أو تعطيل سير الحياة الدستورية أو النيابية وذلك بإنهاء أو ترك العمل النيابي بالمجلس أو تم إسقاط عضويته لذات الأسباب
أن هذه القيود فضلا عن مخالفتها لأحكام الدستور التي أشرنا إليها فيما سلف إذ نالت من جوهر الحق في الترشيح الذي كفلها الدستور ومن حق المواطنة التي صانها ومن مبدأ السيادة الشعبية التي جسدها ومن حق الاقتراع العام الذي نص عليها بشروط معقولة ، فأنها :
1- تخلط ما بين الجمعية السياسية التي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وما بين قيادات وأعضاءه الجمعية اللذين لهم شخصيتهم الطبيعية المستقلة عن الجمعية التي ينتمون إليها .
2- تعتدي على ما نص عليه الدستور في المادة 20 الفقرة ب- بأن العقوبة شخصية . وقد صيغت هذه المادة صياغة محكمة، بأن اقتصر نص المادة على هذا المبدأ لأهميته ووضوحه، فالعقوبة شخصية بمعنى أنها لا تلحق إلا شخص الجاني، ولا تنال أحداً غيره ، ولا يكاد يخلو دستور واحد من دساتير العالم من نص مماثل، وقد أكد مبدأ شخصية العقوبة القرآن الكريم في قوله تعالى “ولا تزر وازرة وزر أخرى”الأصل كما تقرره محاكم النقض أن الأشخاص الاعتبارية لا تسأل جنائيا عما يقع من ممثليها من جرائم أثناء قيامهم بأعمالهم الذى يسأل هو مرتكب الجريمة منهم شخصيا .
3- وبالتطبيق ذلك على الاحكام النهائية الصادرة بحل الجمعيات السياسية منها على سبيل المثال الحكم الصادر في مواجهة جمعية وعد فقد قضى بعقوبة حل الجمعية وإعادة أموالها إلى خزينة الدولة بصفتها الاعتبارية استنادا لما سماه الحكم مخالفات جسيمة لقانون الجمعيات السياسية ، ولم يقضي الحكم ولم يشتمل مطلقا على أية عقوبة ضد أي من قيادة واعضاء الجمعية ونحن هنا لا نناقش مدى صحة الاسباب التي ركن إليها القضاء بحل الجمعية من عدمه ، بل اردنا هنا التأكيد على أنه لا يجوز حرمان احد من حق الترشح لمجلس النواب دون عقوبة تصدر في مواجهته هو شخصيا ،وأن مقترح مجلس النواب بحرمان قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية الفعليين المنحلة بحكم نهائي من الترشح لمجلس النواب لا يشكل فقط خرقا لمبدأ شخصية العقوبة الذي نص عليه الدستور ، بل أن الأخذ بهذا المقترح يعني امتداد عقاب حل الجمعية إلى أولئك الاعضاء الذين لا شأن لهم به والقول بان الاقلية يتعين ان تخضع الي لإرادة الاغلبية ان صحت في مجال القانون الخاص فإنها لا تصلح في مقام القانون الجنائي .
4- أما بالنسية للقيد الثاني من مقترح مجلس النواب الذي يحرم ( كل من تعمد الأضرار أو تعطيل سير الحياة الدستورية أو النيابية وذلك بإنهاء أو ترك العمل النيابي بالمجلس أو تم إسقاط عضويته لذات الأسباب فلم نجد في قانون العقوبات وتعديلاته أو في أي قانون أخر جريمة أو عقوبة على سمي من تعمد الأضرار أو تعطيل سير الحياة الدستورية أو النيابية وذلك بإنهاء أو ترك العمل النيابي بالمجلس ، والمقرر في الدستور وفي الفقه الجنائي بأنه –( لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون )
كل ما وجدناه هو في نص المادة ( 216 ) من قانون العقوبات التي نصت على أنه ( يعاقب بالحبس أو بالغرامة من أهان بإحدى طرق العلانية المجلس الوطني أو غيره من الهيئات النظامية أو الجيش أو المحاكم أو السلطات أو المصالح العامة ) .وانه إذا افترضا وجود مثل هذه الجريمة فأن هذا المقترح يسلب سلطة القضاء الذي يختص بالحكم بوجودها ويفرض العقاب على من يرتكبها .
من جانب أخر فان من ينهي أو يترك العمل النيابي بالمجلس أي عضو المجلس فأن الدستور قد أعطاه حق الاستقالة منه بحكم المادة (-63- ) حين نصت على أن مجلس النواب، هو المختص بقبول الاستقالة من عضويته، ولا تعتبر الاستقالة نهائية إلا من وقت تقرير المجلس قبولها، ويصبح المحل شاغراً من تاريخ ذلك القبول.
وقد عالجت المادة ( 59 ) من الدستور حالة خلو محل احد أعضاء المجلس بأن نصت على أنه ( إذا خلا محل أحد أعضاء مجلس النواب قبل نهاية مدته، لأي سبب من الأسباب، ينتخب بدله خلال شهرين من تاريخ إعلان المجلس هذا الخلو، وتكون مدة العضو الجديد لنهاية مدة سلفه . وإذا وقع الخلو في خلال الأشهر الستة السابقة على انتهاء الفصل التشريعي للمجـلس فـلا يجرى انتخاب عضو بديل .)
أما بالنسبة لما ورد في هذا المقترح من حرمان من أسقطت عضويته من المجلس من الترشيح لمجلس النواب فانه يكفينا القول بانه يتعارض بصورة واضحة مع ما نصت عليه المادة ( 57 الفقرة د) من الدستور التي اشترطت في عضو مجلس النواب ( ألا تكون عضويته بمجلس الشورى أو مجلس النواب قد أُسقطت بقرار من المجلس الذي ينتمي إليه بسبب فقد الثقة والاعتبار أو بسبب الإخلال بواجبات العضوية ) ومع ذلك أجازت له الترشيح إذا انقضى الفصل التشريعي الذي صدر خلاله قرار إسقاط العضوية، أو صدر قرار من المجلس الذي كان عضوا فيه بإلغاء الأثر المانع من الترشيح المترتب على إسقاط العضوية بعد انقضاء دور الانعقاد الذي صدر خلاله قرار إسقاط العضوية .
بالمختصر أن أي شروط أو قيود تم وضعها أوسيتم وضعها تتجاوز الشروط التي وضعها الدستور لحق الترشيح لمجلس النواب ، لا تنال فقط من مبدأ السيادة الشعبية والاقتراع العام ومن حقوق المواطنة التي نص عليها الدستور والمواثيق والاتفاقيات الدولية ومن ابرزها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي نص في المادة ( 25 ) على أنه بل ينال من مصداقية ونزاهة العملية الانتخابية ، ويضيق من المشاركة فيها ، خاصة في ظل مشاركة هزيلة في معظم دوائر المحافظة الشمالية ومحافظة العاصمة ، على سبيل المثال الدائرة الاولى الشمالية حصل من فاز فيها على 276 صوت من أصل 10,749 ، والدائرة الثالثة العاصمة 394 من أصل 10,225وهو ما كشفت عنه انتخابات 2014.